[ ص: 371 ] يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم .
[12] ونزل في رجلين اغتابا رفيقهما: يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن أي: أبعدوه عنكم، واجعلوه جانبا منكم.
إن بعض الظن إثم يستحق عليه العقاب، وذلك البعض كثير; لأنه ظن السوء بالمؤمنين، والتبعيض يؤذن باجتناب بعض الظن، ولا يقدم عليه إلا بعد النظر في حال الشخص، فإن كان موسوما بالصلاح، فلا يظن به السوء بأدنى توهم، بل يحتاط في ذلك، ولا تظنن سوءا إلا بعد ألا تجد إلى الخير سبيلا، وأما ظن الصلاح بالصلحاء والعلماء بالله والشرع، فمندوب إليه، وأما الفساق، فلنا أن نظن بهم مثل الذي ظهر منهم.
ولا تجسسوا ولا تتبعوا عورات الناس، ولا تبحثوا عن أخبارها حتى لا يظهر ما ستره الله منها ولا يغتب بعضكم بعضا الغيبة: أن يقول في الرجل ما فيه مما يكرهه.
أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا أي: أن ما يناله من عرض أخيه كأكل لحم ميت. قرأ نافع، (ميتا) بكسر الياء مشددة، والباقون: بإسكانها مخففة، ونصبه على الحال من (لحم). [ ص: 372 ] وأبو جعفر:
فكرهتموه المعنى: إن صح ذلك، أو عرض عليكم هذا، فقد كرهتموه، ولا يمكنكم إنكار كراهته واتقوا الله إن الله تواب رحيم لمن اتقى ما نهي عنه، وتاب مما فرط منه.
* * *