شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على [ ص: 178 ] المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب .
[13] شرع بين.
لكم من الدين ما وصى به نوحا وهو أول أنبياء الشريعة.
والذي أوحينا إليك من القرآن وشرائع الإسلام وما وصينا به إبراهيم قرأ عن هشام (إبراهام) بألف بين الهاء والميم ابن عامر: وموسى وعيسى ثم بين المشروع المشترك فيه هؤلاء، وهو:
أن أقيموا الدين وهو توحيد الله وطاعته، وما به يكون الإنسان مسلما.
ولا تتفرقوا فيه في القدر المشترك بينكم من الدين، ولم يرد الاشتراك في جميع الشرائع; لأنها متفاوتة; لقوله تعالى:
لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا [المائدة: 48]، ثم أخبر تعالى نبيه -صلى الله عليه وسلم- بصعوبة موقع هذه الدعوة إلى إقامة الدين على المشركين بالله العابدين للأصنام بقوله:
كبر على المشركين ما تدعوهم يا محمد.
إليه من التوحيد، ثم سلاه عنهم بقوله:
الله يجتبي يختار إليه أي: لدينه.
من يشاء ويهدي إليه بالتوفيق. [ ص: 179 ]
من ينيب يقبل إلى طاعته، وكان نبينا -صلى الله عليه وسلم- قبل البعثة متعبدا في الفروع بشرع من قبله مطلقا، وقيل: معين، فقيل: آدم، أو نوح، أو إبراهيم، أو موسى، أو عيسى، وقيل: بوضع شريعة اختارها، وقيل: بالإلهام، ولم يكن -صلى الله عليه وسلم- على ما كان عليه قومه باتفاق الأئمة وإجماع الأمة.
قال رضي الله عنه: من زعمه، فقول سوء. الإمام أحمد
وامتناع المعصية منه -صلى الله عليه وسلم- قبل البعثة عقلا مبني على التقبيح العقلي، وبعدها معصوم من تعمد ما يخل بصدقه فيما دلت المعجزة على صدقه من رسالة وتبليغ بالاتفاق.
* * *