إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا .
[57] إن الذين يؤذون الله أي: يخالفون أمره ويعصونه بنسبة الولد [ ص: 388 ] والشريك إليه سبحانه، هم اليهود، قالوا: عزير ابن الله، ويد الله مغلولة، والنصارى قالوا: المسيح ابن الله، وثالث ثلاثة، والمشركون قالوا: الملائكة بنات الله، والأصنام شركاؤه.
ورسوله بتكذيبه، وقولهم: شاعر ومجنون.
لعنهم الله في الدنيا بالقتل والآخرة بالنار.
وأعد لهم عذابا مهينا فيحرم بالاتفاق. أذى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقول والفعل
واختلفوا في حكم من سبه والعياذ بالله تعالى من المسلمين، فقال أبو حنيفة : هو كفر كالردة يقتل ما لم يتب، وقال والشافعي مالك : يقتل ولا تقبل توبته، [وقتله حدا لا كفرا إن أظهر التوبة منه، ولهذا لا تقبل توبته] . وأحمد
وأما الكافر إذا سبه صريحا بغير ما كفر به; من تكذيبه ونحوه، فقال : لا يقتل; لأن ما هو عليه من الشرك أعظم، ولكن يؤدب ويعزر، وقال أبو حنيفة : ينتقض عهده، فيخير الإمام فيه بين القتل والاسترقاق، والمن والفداء، ولا يبلغ المأمن; لأنه كافر لا أمان له، ولو لم يشرط عليه الكف عن ذلك، بخلاف ما إذا ذكره بسوء يعتقده ويتدين به; كتكذيب ونحوه، فإنه لا ينتقض عهده بذلك إلا باشتراطه، وتقدم التنبيه على ذلك في سورة التوبة، وقال الشافعي مالك : يقتل ما لم يسلم، واختار جماعة من أئمة مذهب وأحمد أن سابه -عليه السلام- يقتل بكل حال، منهم الشيخ أحمد تقي الدين ابن تيمية، وقال: هو الصحيح من المذهب، وأما حكم قذفه - صلى الله عليه وسلم -، [ ص: 389 ] فعند حكمه كالسب من مسلم وكافر كما تقدم، وظاهر كلام أصحاب أبي حنيفة فيما اطلعت عليه من كتبهم، ومنهم مالك في الشفا : أنه كالسب، يقتل به المسلم، ويسقط القتل عن الكافر بإسلامه، وحكى القاضي عياض عن القاضي عياض أنه أوجب على ابن سحنون - حد القذف، ثم قال: ولكن انظر ماذا يجب عليه، هل حد القذف في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - هو القتل; لزيادة حرمته - صلى الله عليه وسلم - على غيره، أم هل يسقط القتل بإسلامه، ويحد ثمانين جلدة؟ فتأمله، انتهى. الذمي إذا قذف النبي - صلى الله عليه وسلم
وفي مذهب ثلاثة أقوال حكاها النووي رحمه الله في الروضة : أحدها: أنه كالمرتد، والثاني: أنه يقتل حدا، والثالث: أنه يجلد ثمانين جلدة . الشافعي
ومذهب -رضي الله عنه-: أن أحمد قتل، مسلما كان أو كافرا، فلا تقبل من المسلم توبة، ولا من الكافر إسلامه. من قذفه - صلى الله عليه وسلم -، أو قذف أمه،
وحكم من حكم من سب نبينا عليهم السلام، وأما من سب سائر أنبياء الله وملائكته والعياذ بالله من المسلمين بغير الارتداد عن الإسلام، ومن الكفار بغير ما كفروا به من معتقدهم في عزير والمسيح ونحو ذلك، فحكمه حكم من سب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكل من الأئمة الأربعة -رضي الله عنهم- على أصله كما قدمته، والله سبحانه وتعالى أعلم. سب الله سبحانه وتعالى
* * *