وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه قال يا بشرى هذا غلام وأسروه بضاعة والله عليم بما يعملون يوسف: 19].
[19] ولبث في البئر ثلاثة أيام وجاءت سيارة جماعة يسيرون من مدين إلى مصر، أخطأوا الطريق، فنزلوا قريبا من الجب، وكان في قفر بعيد [ ص: 404 ] من العمران، وكان ماؤه ملحا، فعذب حين ألقي يوسف فيه.
فأرسلوا واردهم الذي يرد الماء ليستقي لهم منه، وهو مالك بن ذعر الخزاعي.
فأدلى دلوه ليملأها، فتعلق يوسف بالحبل، فلما خرج، إذا هو بغلام أحسن ما يكون من الغلمان، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما رآه "قد أعطي يوسف شطر الحسن، والنصف الآخر لسائر الناس"، مالك بن ذعر.
قال يا بشرى هذا غلام قرأ نافع، وأبو جعفر، وابن كثير، وابن عامر، وأبو عمرو، (يا بشراي) بياء مفتوحة بعد الألف؛ أي: بشر المستقي نفسه وأصحابه، يقول: أبشروا بغلام، وقرأ الباقون، وهم الكوفيون: (يا بشرى) بغير ياء إضافة على وزن فعلى، يريد: نادى المستقي رجلا من أصحابه اسمه ويعقوب: بشرى، وأمال حمزة، والكسائي، فتحة الراء، وقرأ وخلف الراء بين اللفظين، والباقون: بإخلاص فتحها، [ ص: 405 ] واختلف عن ورش أبي عمرو، وابن ذكوان.
وأسروه بضاعة الضمير للوارد وأصحابه؛ أي: أخفوا أمر يوسف، وقالوا: دفعه لنا أهل الماء لنبيعه لهم بمصر؛ لئلا يطالبهم رفقتهم بالشركة فيه، وروي أن إخوة يوسف أخفوا شأنه؛ لأنه لما أخذه المدلي، علم به يهودا؛ لأنه كان يأتيه بطعامه، فذهب وإخوته إلى السيارة، فقالوا: هذا عبد لنا أبق، فاشتروه منا، ويوسف ساكت لا يتكلم مخافة القتل.
والله عليم بما يعملون لم تخف عليه أسرارهم.
* * *