ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم .
[114] ومن أظلم أي: أكفر وأعتى.
ممن منع مساجد الله يعني: بيت المقدس ومحاريبه.
أن يذكر فيها اسمه وسعى عمل.
في خرابها هو بخت نصر وأصحابه، غزوا اليهود، وخربوا بيت المقدس، وأعانهم على ذلك النصارى: طيطوس الرومي وأصحابه، فغزوا بني إسرائيل ثانيا، فقتلوا مقاتلتهم، وسبوا ذراريهم، وحرقوا التوراة، وخربوا بيت المقدس، وقذفوا فيه الجيف، وذبحوا فيه الخنازير، فكان [ ص: 180 ] خرابا إلى أن بناه المسلمون في أيام -رضي الله عنه-، فأنزل الله تعالى الآية عمر بن الخطاب ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها .
أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين أي: على وجه التهيب، وذلك أن بيت المقدس موضع حج النصارى، ومحل زيارتهم، قال : لم يدخلها بعد عمارتها رومي إلا خائفا، لو علم به، قتل. ابن عباس
لهم في الدنيا خزي عذاب وهوان، قال هو القتل للحربي، والجزية للذمي. قتادة:
ولهم في الآخرة عذاب عظيم وهو النار.
وقيل: نزلت في مشركي مكة، وأراد بالمساجد: المسجد الحرام، منعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من حجه والصلاة فيه عام الحديبية، وإذا منعوا من يعمره بذكر الله، فقد سعوا في خرابه أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين يعني: أهل مكة، يقول: أفتحها عليكم حتى تدخلوها، وتكونوا أولى بها منهم، ففتحها عليهم، وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - مناديا ينادي: فهذا خوفهم، وثبت الشرع أن [ ص: 181 ] لا يمكن مشرك من دخول الحرم "ألا لا يحجن بعد العام مشرك"، لهم في الدنيا خزي والذل والهوان والقتل والسبي والنفي.
واختلف الأئمة في فقال دخول الكفار المساجد، وأصحابه: يجوز للذمي دخول أبو حنيفة المسجد الحرام وغيره بالإذن، ومنعه مالك مطلقا، وأحمد يمنعه في والشافعي المسجد الحرام، ويجيزه في غيره، ويأتي ذكر اختلافهم في دخول الذمي حرم مكة، ومنعه من استيطان الحجاز في سورة التوبة عند تفسير قوله تعالى: إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام [الآية: 28].