ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير .
[106] ما ننسخ من آية قرأ العامة: بفتح النون والسين من [ ص: 172 ] النسخ; أي: نرفعها. وقرأ : (ننسخ) بضم النون الأولى، وكسر السين; من الإنساخ; أي: نجعله من المنسوخ، وذلك أن المشركين قالوا: إن ابن عامر محمدا يأمر أصحابه بأمر، ثم ينهاهم عنه ويأمرهم بخلافه، ما يقوله إلا من تلقاء نفسه، يقول لهم اليوم قولا، ويرجع عنه غدا; كما أخبر الله تعالى بقوله: وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر [النحل: 101] ، وأنزل: ما ننسخ من آية ، فبين وجه الحكمة في النسخ بهذه الآية.
( أو ننسئها ) قرأ ابن كثير، : بفتح النون والسين، وهمزة ساكنة بين السين والهاء; أي: نؤخرها في اللوح المحفوظ. وقرأ الباقون: (ننسها) بضم النون وكسر السين من غير همز; أي: نجعلها منسية، أي: متروكة. وأبو عمرو
نأت بخير منها أي: بما هو أنفع لكم، وأسهل عليكم، وأكثر [ ص: 173 ] لأجركم، لا أن آية خير من آية; لأن كلام الله واحد كله خير.
أو مثلها في المنفعة والثواب، فكل ما نسخ إلى الأيسر، فهو أسهل في العمل، وما نسخ إلى الأشق، فهو في الثواب أكثر.
ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير من النسخ والتبديل، لفظه استفهام، ومعناه تقرير; أي: إنك تعلم. والنسخ لغة; الرفع والإزالة، ومنه نسخت الشمس الظل، والنقل نسخت الكتاب، وشرعا: رفع حكم شرعي متراخ، والمنسوخ: الحكم المرتفع بالناسخ، والناسخ حقيقة هو الله، وأهل الشرائع على جوازه عقلا، ووقوعه شرعا، وخالف أكثر اليهود في الجواز، ويجوز بالاتفاق، ويجوز نسخ التلاوة دون الحكم، وعكسه، وهما بالاتفاق، ويجوز النسخ قبل الفعل بعد دخول الوقت بالاتفاق، ولا حكم للناسخ مع نسخ قرآن وسنة متواترة بمثلهما، وسنة بقرآن جبريل -عليه السلام- اتفاقا، فإذا بلغه، لم يثبت حكمه في حق من لم يبلغه. وزيادة عبادة مستقلة من غير الجنس ليست نسخا، وكذا من الجنس، بالاتفاق.