(الشَّرْحُ)

(عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=123سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : اسْتَبَّ رَجُلَانِ -عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- ؛ فَجَعَلَ أَحَدُهُمَا يَغْضَبُ وَيَحْمَرُّ وَجْهُهُ . فَنَظَرَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : فَقَالَ : إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ ذَا عَنْهُ) .

[ ص: 128 ] وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى : nindex.php?page=hadith&LINKID=661733 (اسْتَبَّ رَجُلَانِ -عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فَجَعَلَ أَحَدُهُمَا تَحْمَرُّ عَيْنَاهُ ، وَتَنْتَفِخُ أَوْدَاجُهُ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : "إِنِّي لَأَعْرِفُ كَلِمَةً ، لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ الَّذِي يَجِدُ : أَعُودُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ") .

فِيهِ : أَنَّ الْغَضَبَ -فِي غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى- مِنْ نَزْغِ الشَّيْطَانِ ، وَأَنَّهُ nindex.php?page=treesubj&link=32488_24456يَنْبَغِي لِصَاحِبِ الْغَضَبِ : أَنْ يَسْتَعِيذَ ، فَيَقُولَ : "أَعُوذُ بِاللَّهِ إلخ" . وَأَنَّهُ : سَبَبٌ لِزَوَالِ الْغَضَبِ .

(فَقَامَ إِلَى الرَّجُلِ : رَجُلٌ مِمَّنْ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : أَتَدْرِي مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، آنِفًا ؟ قَالَ : "إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ ذَا عَنْهُ : أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ" . فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ : أَمَجْنُونٌ تَرَانِي ؟) .

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى nindex.php?page=hadith&LINKID=661733 "فَقَالَ الرَّجُلُ : وَهَلْ تَرَى بِي مِنْ جُنُونٍ ؟" .

وَهُوَ كَلَامُ مَنْ لَمْ يَفْقَهْ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَلَمْ يَتَهَذَّبْ بِأَنْوَارِ الشَّرِيعَةِ الْمُكَرِّمَةِ . وَتَوَهَّمَ : أَنَّ الِاسْتِعَاذَةَ مُخْتَصَّةٌ بِالْمَجْنُونِ . وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ nindex.php?page=treesubj&link=32488الْغَضَبَ مِنْ نَزَغَاتِ الشَّيْطَانِ ، وَلِهَذَا يَخْرُجُ بِهِ الْإِنْسَانُ عَنِ اعْتِدَالِ حَالِهِ ، وَيَتَكَلَّمُ بِالْبَاطِلِ ، وَيَفْعَلُ الْمَذْمُومَ ، وَيَنْوِي الْحِقْدَ وَالْبُغْضَ ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْقَبَائِحِ الْمُرَتَّبَةِ عَلَى الْغَضَبِ . وَلِهَذَا nindex.php?page=hadith&LINKID=655651قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [ ص: 129 ] وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، لِلَّذِي قَالَ لَهُ أَوْصِنِي : "لَا تَغْضَبْ" . فَرَدَّ مِرَارًا ، قَالَ : "لَا تَغْضَبْ" فَلَمْ يَزِدْهُ فِي الْوَصِيَّةِ ، عَلَى nindex.php?page=hadith&LINKID=655651 "لَا تَغْضَبْ" ، مَعَ تَكْرَارِهِ الطَّلَبَ .

وَهَذَا دَلِيلٌ ظَاهِرٌ ، فِي عِظَمِ مَفْسَدَةِ الْغَضَبِ ، وَمَا يَنْشَأُ مِنْهُ .

وَيَحْتَمِلُ أَنَّ هَذَا الْقَائِلَ : nindex.php?page=hadith&LINKID=676073 "هَلْ تَرَى بِي مِنْ جُنُونٍ ؟" : كَانَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ ، أَوْ مِنْ جُفَاةِ الْأَعْرَابِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قُلْتُ : وَأَيُّ جُنُونٍ يَكُونُ أَعْظَمَ مِنْ أَنْ يَقُولَ رَجُلٌ فِي مُقَابَلَةِ كَلَامِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "أَمْجَنُونٌ تَرَانِي ؟" .