الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة قال ابن عباس وغيره: لا [ ص: 433 ] تمسكوا عن الإنفاق في سبيل الله؛ فتهلكوا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هو في ارتكاب المعاصي، واليأس من المغفرة، روي ذلك عن البراء بن عازب، وعبيدة السلماني، وغيرهما.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن زيد وغيره: المعنى: لا تخرجوا إلى الغزو بغير نفقة؛ فتهلكوا أنفسكم.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو أيوب الأنصاري : سبب نزول ذلك: إمساك الأنصار عن الإنفاق في سبيل الله؛ لسنة أصابتهم، فاستأذنوا النبي أن يقيموا في أموالهم؛ ليصلحوها.

                                                                                                                                                                                                                                      وأحسنوا إن الله يحب المحسنين قيل: المعنى: أنفقوا، وقيل: أدوا الفرائض، وقال عكرمة : أحسنوا الظن بالله.

                                                                                                                                                                                                                                      وأتموا الحج والعمرة لله : أعمال الحج معروفة، وهي: النية، والإحرام من الميقات، والتلبية، والطواف، والسعي، وإتيان منى، والوقوف بعرفة، ومزدلفة، ورمي الجمار، والإفاضة، وحلق الرأس، والتقصير، على رتب قد عرفها المسلمون، ونقل أعمالها الناقلون.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 434 ] والأركان المفروضة منها أربعة: الإحرام، والوقوف بعرفة، والطواف بالبيت، والسعي، على اختلاف في السعي، وقد تقدم.

                                                                                                                                                                                                                                      وأعمال العمرة: الإحرام، والطواف، والسعي، والحلق أو التقصير.

                                                                                                                                                                                                                                      ويمتنع المحرم من لبس المخيط، وتغطية الرأس والوجه، ولبس الخفين والشمشكين مع القدرة على النعلين، وحلق شعر الرأس وغيره من جسمه، والطيب، وقص الأظفار، وقتل القمل، وقتل الصيد، وعقد النكاح، والوطء، وإنزال الماء.

                                                                                                                                                                                                                                      ويكره له الاستمتاع بما دون الوطء، فإن فعل؛ لم يفسد حجه، إلا أن ينزل.

                                                                                                                                                                                                                                      والمرأة كالرجل إلا في اللباس، وعليها كشف ما فوق الذقن من وجهها وكفيها، وفي بعض هذه الأشياء بين العلماء اختلاف قد ذكرته في "الكبير".

                                                                                                                                                                                                                                      وحجة الإسلام فريضة على المستطيعين من الأحرار المكلفين من الرجال [ ص: 435 ] والنساء مرة في العمر.

                                                                                                                                                                                                                                      وشروط وجوبه: البلوغ، والعقل، والحرية، والاستطاعة.

                                                                                                                                                                                                                                      والاستطاعة عند مالك معتبرة بحال المستطيع، فمن لم يستطع إلا بزاد وراحلة؛ لم يلزمه الحج مع عدمهما، ومن استطاع بغير ذلك من صناعة، أو قوة بدن، أو غير ذلك؛ لزمه الحج، وليس عليه أن يخرج عن عادته؛ كتكلفه المشي، أو المسألة أو نحو ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      عكرمة : الاستطاعة: الصحة.

                                                                                                                                                                                                                                      الضحاك : إن قدر أن يؤاجر نفسه؛ فهو مستطيع.

                                                                                                                                                                                                                                      الشافعي : الاستطاعة وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أن يكون مستطيعا ببدنه، واجدا ما يبلغه الحج.

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أن يكون ببدنه ما يمنعه الركوب، ويجد من يطيعه إذا أمره أن يحج عنه بأجرة أو بغير أجرة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: الاستطاعة الزاد والراحلة، روي ذلك عن عمر، وابن عباس، وغيرهما، وهو مذهب ابن حنبل، وإسحاق، وغيرهما.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 436 ] وعن ابن عباس أيضا: من وجد ثلاث مئة درهم؛ فهو السبيل.

                                                                                                                                                                                                                                      والمرأة في هذا كله كالرجل، وتخرج عند مالك مع جماعة نساء وإن لم يكن معها ذو محرم.

                                                                                                                                                                                                                                      الشافعي : تخرج مع ثقة من النساء حرة.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن سيرين : تخرج مع رجل من المسلمين.

                                                                                                                                                                                                                                      الأوزاعي : مع قوم عدول.

                                                                                                                                                                                                                                      الشعبي، وابن حنبل، وأبو حنيفة، وأصحابه: ذو المحرم من السبيل.

                                                                                                                                                                                                                                      الحسن : لا تخرج إلا مع ذي محرم.

                                                                                                                                                                                                                                      واختلف الناس في العمرة؛ فروي عن ابن عمر، وابن عباس، وغيرهما: أنها فريضة، وهو مذهب الشافعي، وابن حنبل .

                                                                                                                                                                                                                                      وليست عند مالك وأبي حنيفة وغيرهما بفريضة.

                                                                                                                                                                                                                                      [قال مالك : العمرة سنة، ولا أعلم أحدا من المسلمين أرخص في تركها ].

                                                                                                                                                                                                                                      وكره مالك العمرة أكثر من مرة في السنة، وروي نحوه عن الحسن، والنخعي، وأباح ذلك أكثر العلماء.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 437 ] وقال بعض أهل العلم: إن قوله: وأتموا الحج والعمرة لله ناسخ لما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه من فسخ الحج إلى العمرة.

                                                                                                                                                                                                                                      وروي عن ابن عباس : أنه كان يجيز فسخ الحج إلى العمرة.

                                                                                                                                                                                                                                      فإتمام الحج على هذا: ألا يفسخ في عمرة، وروي نحوه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إتمام الحج والعمرة: أن تحرم من دويرة أهلك، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هو أن يأتي بالواجب عليه فيهما.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هو أن تكون النفقة حلالا.

                                                                                                                                                                                                                                      الثوري : هو أن يخرج قاصدا لهما لا لتجارة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية