[ ص: 403 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الجمعة
القول في جميعها
يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين .
الأحكام :
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع .
[ ص: 404 ] : قال ، أحمد ابن حنبل وإسحاق : ، وقال تجب الجمعة على من سمع النداء وأصحابه : أبو حنيفة ، تجب على كل من في المصر ، سمع النداء أو لم يسمعه ، وقال ولا تجب على من هو خارج المصر وإن سمع النداء : مالك ، وعن تجب على من كان على مسافة ثلاثة أميال من الموضع الذي تصلى فيه : على ستة أميال ، وعنه أيضا [وعن ربيعة : أربعة أميال] ، وعن الزهري ربيعة أيضا : أنها . تجب على من إذا سمع النداء ، وخرج من بيته ماشيا؛ أدرك الصلاة
. ولا تجب على النساء والصبيان ، ويصليها من شهدها منهم
ولا تجب ، على العبيد عند مالك ، وأبي حنيفة ، ومن حضرها منهم؛ أجزأته ، وقال والشافعي الحسن : تجب على العبيد . وقتادة
ولا تجب على المسافر ، وقد روي عن : أنها تجب عليه إذا سمع الأذان . الزهري
، ويتخلف عنها إذا حضر الموت أحدا من أهله ، ولم يره ويتخلف عنها في المطر الوابل عذرا له ، وقد روي جواز تخلفه بسببه عن النبي عليه الصلاة والسلام . مالك
وقوله : فاسعوا إلى ذكر الله : يريد : العمل لا الجري ، ومثله :
[ ص: 405 ] وأن ليس للإنسان إلا ما سعى [النجم : 39] ، وشبهه .
وقوله : وذروا البيع : مذهب : أن مالك ، ويفسخ عنده ما وقع من البيع في ذلك الوقت ، ولا يفسخ العتق والنكاح والطلاق ونحوه؛ إذ ليس من عادة الناس الاشتغال به كاشتغالهم بالبيع . يترك البيع إذا نودي بالصلاة
، الضحاك ، والحسن وعطاء : . إذا زالت الشمس يوم الجمعة؛ فقد حرم البيع والشراء حتى تنقضي الصلاة
ورأى بعض العلماء البيع في الوقت المذكور جائزا ، وتأول النهي عنه ندبا ، واستدل بقوله : ذلكم خير لكم .
فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض : هذا أمر إباحة ، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنس بن مالك . "أن ذلك ليس لطلب دنيا ، ولكن لعيادة مريض ، وحضور جنازة ، وزيارة أخ في الله تعالى"