وقوله: والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء إلى قوله إلا الذين تابوا : {المحصنات} ههنا: العفائف، وحكم المحصنين كحكمهن.
وقيل: إن المعنى: الأنفس المحصنات.
وهذا حكم القاذف، فأما في قول أكثر العلماء، وهو مذهب الشهود في الزنا; فإنهم إن لم يكونوا أربعة; فهم قذفة مالك، والشافعي.
وقد قال الحسن، والشعبي، وأبو حنيفة، وغيرهم: إن الشهود ليسوا قذفة، ولا يجلدون، وكذلك الحكم وابن حنبل، فالاختلاف فيه حسب ما تقدم. إذا شهد عليه بالزنا أربعة فساق;
[ ص: 517 ] ومذهب مالك، وأكثر العلماء: أن الاستثناء من قوله: والشافعي، ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا ، وأن القاذف تقبل شهادته إذا حسنت توبته.
وذهبت طائفة إلى أن الاستثناء من قوله: وأولئك هم الفاسقون ، وأن وهو مذهب شهادة القاذف لا تقبل وإن تاب، شريح، والثوري، والنخعي، وغيرهم. وأبي حنيفة،
مقبولة عند عامة الفقهاء، ولا خلاف في وشهادة القاذف إذا تاب قبل أن يحد قبول شهادة المحدود في الزنا وشرب الخمر.
وقوله: والذين يرمون المحصنات : فيه حذف; لدلالة ما تقدم عليه; والمعنى يرمون المحصنات بالزنا.
وقوله: والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم [الآية: هذه الآيات] نزلت في قصة عويمر العجلاني، وهي مشهورة.
وقال نزلت في ابن عباس: هلال بن أمية، وقد ادعى أنه وجد مع أهله رجلا.
ولا يتناكح المتلاعنان أبدا في قول مالك، وأكثر العلماء. والشافعي،
[ ص: 518 ] وقال ابن المسيب، وأبو حنيفة، إذا كذب نفسه; كانت تطليقة، ويجلد الحد، ويكون خاطبا من الخطاب. ومحمد بن الحسن:
ولا يكون اللعان عن مالك إلا بإنكار حمل، أو ادعاء رؤية.
وقال الشافعي، وغيرهما: أو قذف، ولا يلاعن في قول والثوري، بنفي الحمل حتى يقذقها معه. الشافعي
إذا نفى الحمل، وقال: هو من زنا; فلا لعان بينهما، ولا حد; إذ قد يكون ذلك ريحا. أبو حنيفة:
أبو يوسف، وابن الحسن: إن جاءت بولد لأقل من ستة أشهر منذ قذفها; لاعن، وإن جاءت به لأكثر من ستة أشهر; فلا لعان بينهما.
أبوعبيد: يلزمه اللعان، كان الذي نفاه حملا، أو لم يكن.
وأكثر العلماء على أن من أبى من الزوجين اللعان; حد، وقال أصحاب الرأي: يحبس.
وتقع الفرقة بين المتلاعنين في قول بعد تمام اللعان بينهما جميعا، وفي قول مالك بعد تمام لعان الزوج، قال: وإن مات أحدهما قبل أن تلتعن المرأة; لم يتوارثا. الشافعي:
[ ص: 519 ] وأصحابه: لا تقع الفرقة إلا بعد تمام لعانهما، وتفريق الإمام بينهما، فإن مات أحدهما قبل أن يفرق الإمام بينهما; ورثه الآخر. أبو حنيفة،
ويلحق ولد الملاعنة منها، [وينفى عن الزوج]، فإن اعترف الرجل بعد ذلك بالولد; لحق به، وحد.