قوله: وكذلك ننجي المؤمنين : من قرأ: {نجي المؤمنين}; فالوجه فيه: أن تكون النون أخفيت، فظن السامع أنه إدغام، [وقيل: إنه إدغام]، وهو بعيد; لأن النون لا تدغم في الجيم.
علي بن سليمان: الأصل: (ننجي) ، فحذفت النون الثانية; لاجتماع النونين، وقيل: هو على إضمار المصدر; والتقدير: نجي النجاء المؤمنين; كما قال: [من الوافر].
ولو ولدت فقيرة جرو كلب لسب بذلك الجرو الكلابا
وهذا أيضا بعيد; لأن المصدر إنما يقام مقام الفاعل عند عدم المفعول به واشتغاله بحرف الجر، مع ما في إسكان الياء من البعد.وجعلناها وابنها آية للعالمين آية} : مفعول ثان لـ (جعل) ; والتقدير: وجعلناها آية، وجعلنا ابنها آية; فحذف الأول; لدلالة الثاني عليه.
وهو عند على التقديم والتأخير; التقدير عنده: وجعلناها آية للعالمين وابنها. المبرد:
[ ص: 411 ] والنصب في {أمة} من قوله: إن هذه أمتكم أمة واحدة على الحال، وقد تقدم القول في مثله، فأما الرفع; فيجوز أن يكون على البدل من {أمتكم} ، أو على إضمار مبتدأ، أو يكون خبرا بعد خبر.
ولو نصبت {أمتكم} على البدل من {هذه} ; لجاز، وتكون {أمة واحدة} خبر {إن} .
و(الحرام) و(الحرم) : لغتان; كـ (الحلال) و(الحل) .
ومن قرأ: {وحرم} ; فهو ماض من (حرم) ; كـ (قلق) من (قلق) ; والمعنى: ووجب على قرية، حسب ما قدمناه في التفسير، وحكى أهل اللغة: (حرم زيد; فهو حرم، وحارم) ; إذا قمر ماله.
ومن قرأ: {وحرم} ; فظاهر المعنى: حرم عليهم الرجوع بعد الإهلاك، أو [ ص: 412 ] حرم عليهم الرجوع إلى التوبة; إذ قد سبق في علم الله تعالى إهلاكهم على الكفر.
ومن قرأ: {وحرم} ; فمعناه: واجب.
ومن قرأ: {وحرم} ; فهو من حرمته الشيء; إذا منعته إياه، وهو راجع إلى معنى التحريم.
ومن قرأ: {وحرم} ; فهو مخفف من (حرم) ، أو (حرم) .
ومن قرأ: {من كل جدث}; فهو القبر، وهي لغة حجازية، وبنو تميم يقولون: (جدف) ; بالفاء، و(الحدب) قد تقدم ذكره في التفسير.
وضم السين وكسرها في: {ينسلون} : لغتان.
وقوله: واقترب الوعد الحق : معطوف على الفعل الذي هو شرط، وجواب الشرط: فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا ، وموضع {إذا} نصب بالمعنى الذي دل عليه قوله: فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا ; لأنه يدل على: شخصت أبصارهم، وقوله: وهم من كل حدب ينسلون : جملة في موضع الحال من {فتحت} .
وقيل: إن جواب الشرط قوله: واقترب الوعد الحق ، على تقدير زيادة الواو.
[ ص: 413 ] وقيل: الجواب محذوف، والتقدير: قالوا: يا ويلنا .
و {هى} من قوله: فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا ضمير (الأبصار) ، والأبصار المذكورة بعدها تفسير لها; كأنه قال: فإذا أبصار الكافرين قد شخصت عند مجيء الوعد، يقولون: يا ويلنا.
وقيل: إن {هي} عماد، وفيه بعد.
و(الحصب) و(الحضب) : لغتان في (الحطب) ، وإسكان الصاد على أنه اسم واقع موقع اسم المفعول; كـ (الضرب) في موضع (المضروب) ، وقد تقدم ذكره.
يوم نطوي السماء : انتصاب {يوم} على البدل من الهاء المحذوفة في الصلة; التقدير: الذي كنتم توعدونه يوم نطوي السماء، أو يكون منصوبا بـ (نعيد) ، من قوله: كما بدأنا أول خلق نعيده ، أو على إضمار (اذكر) .
وما في {السجل} من القراءات لغات، وقد تقدم معناه.
ومن قال: إنك ملك، أو رجل; فالمصدر- على قوله- مضاف إلى الفاعل، واللام في {للكتاب} زائدة; التقدير: كما يطوي الملك أو الرجل الكتاب.
ومن قال: إن {السجل} الصحيفة; فالمصدر- على قوله- مضاف إلى [ ص: 414 ] المفعول، والفاعل محذوف; والتقدير: كما يطوي الطاوي الصحيفة من أجل الكتاب الذي فيها، أو على الكتاب.
والإفراد والجمع في (الكتاب) ظاهران، وقد تقدم القول في مثله.
وقوله: فقل آذنتكم على سواء : يجوز أن يكون على سواء في موضع الحال من الفاعل; وهو النبي عليه الصلاة والسلام، أو من المفعولين; وهم المخاطبون.
ويجوز أن يكون موضعه نصبا بأنه نعت لمصدر محذوف; كأنه قال: آذنتكم إيذانا على سواء.
ومن حرك الياء في قوله: وإن أدري ; ففيه بعد; لأنها لام الفعل، ولا ناصب قبله.
أبو الفتح: كأن من حركها شبهها بياء (غلامي) ; من حيث كان في كل واحد منهما ضمير مرفوع، فحملوه عليه; كما حمل (مصائب) على (صحائف) ، فهمزت عين الفعل; كما يهمز الزائد; لما أشبهتها في اللفظ والموضع.
ومن قرأ: {رب احكم بالحق}; بضم الباء; ففيه بعد; لأنه حمل على [ ص: 415 ] حذف (يا) التي للنداء، وحذفها مع الاسم الذي يجوز أن يكون وصفا لـ (أي) ضعيف.
قال البصريون: لم يكونوا ليجمعوا عليه حذف موصوفه- وهو (أي) - وحذف حرف النداء، وهو جائز على بعد، وتقدم القول في مثله.
ومن قرأ: {ربي أحكم بالحق}; فظاهر.
ومن قرأ: {ربي أحكم}; فمعناه: أحكم الأمور بالحق.
* * *
هذه السورة مكية، وعددها في الكوفي: مئة آية، واثنتا عشرة آية، وفي بقية الأعداد: إحدى عشرة آية.
عد الكوفي: ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم [66]، ولم يعده من سواه.
* * *