المسألة الرابعة: الشرط الرابع: أن يكون الموهوب له معلوما إذا وهب لمجهول، كأن يهب لأحد رجلين، ونحو ذلك، فاختلف العلماء رحمهم الله تعالى في صحة هذه الهبة على قولين:
[ ص: 384 ] القول الأول: صحة هذه الهبة.
وبه قال الإمام مالك.
قال "وأما صفة العوض - أي: في الخلع - فإن ابن رشد: الشافعي يشترطان فيه أن يكون معلوم الصفة ومعلوم الوجوب، وأبا حنيفة يجيز فيه المجهول الوجود والقدر والمعدوم مثل الآبق والشارد والثمرة التي لم يبد صلاحها، والعبد غير الموصوف، وحكي عن ومالك جواز الغرر ومنع المعدوم، وسبب الخلاف تردد العوض ههنا بين العوض في البيوع، أو الأشياء الموهوبة والموصى بها، فمن شبهها بالبيوع اشترط ما يشترط في البيوع وفي أعواض البيوع، ومن شبهه بالهبات لم يشترط ذلك". أبي حنيفة
ورواية عن الإمام في الوصية. أحمد
القول الثاني: أنه لا تصح الهبة للمجهول.
وهو قول جمهور أهل العلم.
نصوا على ذلك في الوصية، والهبة من باب أولى.
الأدلة:
أدلة هذه المسألة كأدلة المسألة السابقة.
والترجيح فيها كالترجيح في المسألة السابقة، وعلى القول بالصحة يعين المجهول بتعيين الواهب، أو بالقرعة.
قال السيوطي: "قاعدة: لا تصح هبة المجهول إلا في صور:
منها: إذا لم يعلم الورثة مقدار ما لكل منهم من الإرث، كما لو خلف ولدين أحدهما خنثى، ذكره الرافعي في الفرائض، فقال: لو اصطلح الذين [ ص: 385 ] وقف المال بينهم على تساو أو تفاوت: جاز... وهذا التواهب: لا يكون إلا عن جهالة لكنها تحتمل للضرورة، ولو أخرج بعضهم نفسه من البنين، ووهبه لهم عن جهل صحت الهبة وإن كان مجهول القدر والصفة للضرورة، ومنها: اختلاط الثمار والحجارة المدفونة في البيع، والصبغ في الغصب ونحوه على ما صرحوا به في مواضعه".
[ ص: 386 ] [ ص: 387 ]