[ ص: 337 ] المبحث الخامس والعشرون: مصرف الوقف إذا تعطل الموقوف عليه.
كمسجد خرب، أو مدرسة تركت الدراسة فيها، ونحو ذلك.
إذا تعطل الموقوف عليه، فاختلف العلماء رحمهم الله في مصرف هذا الوقف على قولين:
القول الأول: أنه يصرف في وقف مثله.
وبه قال بعض الحنفية، وبعض المالكية، وبعض الشافعية، والحنابلة، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.
وقيدوا بتعذر عود الوقف كما كان، أما إذا لم يتعذر عود الوقف، فإنه يحفظ، ويصرف عليه.
جاء في حاشية ابن عابدين: «المسجد إذا خرب أو الحوض إذا خرب، ولم يحج إليه لتفرق الناس عنه صرفت أوقافه في مسجد آخر أو حوض آخر» .
وجاء في الشرح الكبير للدردير: صرف (في مثلها) حقيقة إن أمكن فينقل لمسجد آخر بدل الأول، وكذا ينقل القرآن أو العلم الذي رتب فيه [ ص: 338 ] لآخر أو لمدرسة أخرى، فإن لم يمكن صرف في مثلها نوعا، أي: في قرية أخرى» .
وجاء في المنتهى وشرحه: «(ومن وقف على ثغر فاختل) الثغر الموقوف عليه (صرف) ما وقف عليه (في ثغر مثله وعلى قيامه) أي: الثغر (مسجد ورباط ونحوهما) كسقاية، فإذا تعذر الصرف فيها صرف في مثلها تحصيلا لغرض الواقف حسب الإمكان، (ونص) في رواية أحمد حرب (فيمن وقف على قنطرة فانحرف الماء برصد لعله يرجع) أي: الماء إلى القنطرة فيصرف عليها ما وقف عليها» .
وقال ابن تيمية: «وإذا خرب مكان موقوف فتعطل نفعه بيع وصرف ثمنه في نظيره أو نقلت إلى نظيره، وكذلك إذا خرب بعض الأماكن الموقوف عليها - كمسجد ونحوه - على وجه يتعذر عمارته، فإنه يصرف ريع الوقف عليه إلى غيره» .
وحجته: أن صرف المتعطل في مثله أقرب إلى قصد الواقف، ومقاصد الواقفين معتبرة شرعا، . «والمسلمون على شروطهم»
القول الثاني: أن غلة الوقف تحفظ ولا يصرف لغيره.
وبه قال بعض المالكية، والشافعية، ورواية عن الإمام أحمد.
قال الشيرازي: «وإن وقف شيئا على ثغر فبطل الثغر كطرسوس أو على مسجد، فاختل المكان; حفظ الارتفاع، ولا يصرف إلى غيره لجواز أن يرجع كما كان» . [ ص: 339 ] وحجته: احتمال أن يرجع الوقف كما كان.
ونوقش: بأنه مسلم إذا وجد غلبة ظن، أما إذا لم يكن شيء من ذلك فلا يتوجه حبس الوقف.
والأقرب: القول الأول; إذ إن عدم صرف الوقف المتعطل إذا لم يكن ظن في رجوعه حبس لمال الوقف وتعطيل له، وهذا مخالف لشرط الواقف وربما ترتب على ذلك مفاسد.
[ ص: 340 ]