المطلب الثالث: إذا كان الوقف على معين يستحق بالعمل
وهل يعتبر في استحقاقه ظهور الغلة أو لا؟ [ ص: 332 ] اختلف الفقهاء في ذلك على قولين: إذا كان الوقف على معين يستحق بالعمل، كالإمام، والمؤذن، والمدرس، ونحو ذلك، فمات أحدهم - مثلا - بعد أن عمل في وظيفته ولم يقبض ما يستحقه، فهل يورث عنه؟
القول الأول: أن نصيبه يورث عنه، وهو بقدر ما باشر من العمل، ولا يعتبر في ذلك وجود الغلة.
ذهب إلى ذلك بعض الحنفية، وهو مذهب المالكية، والشافعية والحنابلة.
القول الثاني: أنه بالموت يسقط ما يستحقه من الوقف، فلا يورث عنه.
ذهب إلى ذلك بعض الحنفية.
الأدلة:
دليل القول الأول: أن ما يستحقه بالعمل كالأجرة، فلا يسقط بالموت.
دليل القول الثاني: أن ما يستحقه من الوقف إذا مات ولم يقبضه، فإنه يسقط; لأنه كالصلة.
يناقش هذا الاستدلال: بأن الصلة إنما تكون صلة محضة إذا لم تكن في مقابلة شيء، أما إن كانت في مقابلة عمل كما هنا فلا تكون صلة محضة; بدليل أنه لو لم يقم بالعمل الذي جعل لأجله الوقف لم يستحق منه شيئا. [ ص: 333 ] الترجيح:
الراجح - والله أعلم - القول الأول; لقوة دليله، ومناقشة دليل القول الثاني.