المثال الرابع : لقوله عليه السلام : { تقديم فرائض الصلوات ونوافلها على مفروضات الأعمال ونوافلها } ، هذا مذهب واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة رحمه الله وفيه إشكال ، لأن رسول الله عليه السلام { الشافعي } ، ويبعد أن تكون صلاة الصبح أفضل من حجة مبرورة ، وركعتا الفجر أفضل من حجة التطوع . وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الجهاد تلو الإيمان ، وجعل الحج في الرتبة الثالثة ، فإن قدمت الصلاة عليهما كان ذلك مخالفا للحديث ، وإن تأخرت عنهما لم يستقم كون الصلاة أفضل الأعمال البدنية ، ويمكن أن يجاب عن ذلك بأن يجعل الحج المفروض أفضل من صلاة مفروضة ويجعل استغراق الصلاة لأزمان تتسع للحج أفضل من الحج ، لأن الإقبال على الله بالصلاة في زمن يتسع للحج أكمل وأتم من الإقبال عليه بأفعال الحج فيكون جمعا بين الحديثين وقد { سئل أي الأعمال أفضل ؟ فقال : إيمان بالله ، قيل ثم ماذا ؟ قال : جهاد في سبيل الله ، قيل ثم ماذا ؟ قال : حج مبرور } ، { سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أفضل ؟ فقال : بر الوالدين } ، { وسئل أي الأعمال أفضل ؟ فقال : الصلاة لأول وقتها } ، وهذا جواب لسؤال السائل فيختص بما يليق بالسائل من الأعمال ، لأنهم ما كانوا يسألون عن الأفضل إلا ليتقربوا به إلى ذي الجلال ، فكأن السائل قال : { وسئل أي الأعمال أفضل ؟ فقال . حج مبرور } لمن له والدان يشتغل ببرهما ، وقال لمن يقدر على الجهاد لما سأله عن أفضل الأعمال بالنسبة إليه : { أي الأعمال أفضل لي ؟ فقال : بر الوالدين } ، وقال لمن يعجز عن الحج والجهاد : [ ص: 66 ] { الجهاد في سبيل الله } ، ويجب التنزيل على مثل هذا لئلا يتناقض الكلام في التفضيل . الصلاة على أول وقتها