[ ص: 147 ] فرع [ التحديد بما يجري مجرى التقسيم ] قال الأستاذ : اختلفوا في ، فالمانعون من تركيب الحد منعوه ، وأجازه أكثر من أجاز التركيب . نحو : الخبر ما كان صدقا أو كذبا ، وحقيقة الوجود ما كان قديما أو محدثا ، وحكى بعض المتأخرين ثلاثة مذاهب في أن التحديد بما يجري مجرى التقسيم ؟ أحدها : نعم ; لأن المسئول عنه بصفة واحدة ، والتقسيم يقتضي التعدد ; لأن حرف " أو " للتردد ، وهو مناف للتعريف . والثاني : لا ; لأن المراد أحدهما ولا تردد فيه . والثالث : وصححه ، إن كان التقسيم من نفس الحد أفسده ، وإن كان خارجا عنه لمقصود البيان لم يفسده . قال : وإنما يكون التقسيم من نفس الحد إذا كان بحيث إذا أسقط من الحد ورد عليه ما يبطله ، ومنها قالوا : لا يجوز أن التقسيم في الحد هل يفسده " هكذا أطلقوه . وكان مقصودهم باعتبار الكلية ، أي كل واحد ; لأن الحد حينئذ يكون لكل فرد ، فيكون حدا واحدا لأشياء متعددة صادقا على كل منها . مثاله : الإنسان كل حيوان ناطق باعتبار كل واحد ، فيكون الحد منطقيا على كل فرد ، فيكون حدا واحدا صادقا على ذوات متعددة . وهو باطل ; لأنك تكون حكمت على زيد مثلا بأنه كل حيوان ناطق ، وغيره يشاركه في ذلك ، فيكون غير مانع ، ويجب تنزيل إطلاقهم المنع على هذا [ ص: 148 ] أما باعتبار الكلي المجموعي فلا يمتنع أن يؤتى بلفظ " كل " في الحدود ; لأن المحدود حينئذ الماهية المركبة من أجزاء متعددة مرادة بلفظ " كل " ، والحد لمجموعها ، إذ لا مانع أن تحد شيئا واحدا مركبا من أجزاء خارجية ينفصل بعضها عن بعض وذلك كثير . تصدر الحدود بلفظة " كل
ومن هاهنا يظهر أن الكلي لا يجوز تصدير حده بلفظة " كل " ; لأن الحد فيه ليس باعتبار الكلية ، و " كل " موضوعها كلية . ومن اللفظية توقي الألفاظ الغريبة الوحشية والاشتراك [ و ] الإجمال والتكرار والمجاز غير الشائع من غير قرينة لبعد البيان ، فإن اقترنت قرينة معرفة ففيه خلاف . قال الأنباري : والصحيح : القبول ، والأحسن : الترك ، وقال في موضع آخر : إن كان اللفظ نصا فهو أحسن ما يستعمل في الحدود ، وكذا إن كان ظاهرا واحتماله بعيد . فإن كان مشتركا أو ملتبسا فلا يصح استعماله مجردا عن القرينة بحال ، واختلفوا في صحته مع القرينة المقالية كقولنا : العلم الثقة بالمعلوم ، فإن الثقة مشتركة بين الأمانة والعلم : لكن ذكر المعلوم يقطع ذلك الاشتراك ، ويبين مقصود المتكلم منه . وهل يكون اقتران القرينة الحالية بين المتخاطبين يقوم مقام القرينة اللفظية ؟ هذا أيضا مختلف فيه . ا هـ .
وقال في " الإفادة " : اختلفوا في القاضي عبد الوهاب ، فأجازه قوم ، ومنعه آخرون ; لأن الحد إنما يكون بالوصف اللازم ، والمجاز غير لازم . والصحيح : جوازه ; لأن الغرض التبيين ، وقال التحديد بالمجاز المقترح : اختلفوا في ؟ فقيل : بالمنع مطلقا لما فيه من اللبس عند السامع ، وقيل : نعم ; لأنها تدخل على الجملة . [ ص: 149 ] وفصل آخرون بين المستعمل المشهور ، وبين ما ليس كذلك ، فإن كان مشهورا استعمل ، وهو رأي ألفاظ الاستعارة والمجاز هل تستعمل في الحدود إمام الحرمين في " الشامل " ، والغزالي في " المستصفى " . فقال : يجب طلب النهي ما أمكن فإن أعوزك النص وافتقرت إلى الاستعارة ، فاطلب من الاستعارات ما هو أشد مناسبة للغرض . انتهى . ويجب أن ; لأن الأعم منها هو الجنس ، فلا يقال : مسكر معتصر من العنب بل بالعكس ; لأنه لا يمكن معرفة الأخص مع الغفلة عن الأعم . فإذا ذكر الأخص أولا تعذر الفهم حتى يذكر الأعم . ثم يفهم الأخص فيتراخى الفهم عن الذاكر ، وليس كذلك إذا ذكر الأعم أولا ، ولأن بتقديم الأخص يختل الجزء الصوري من الحد ، فلا يكون تاما مشتملا على جميع الأجزاء ، وأما غير التام فتقديم الأعرف أولى ، وليس بواجب . يبتدأ بالأعم ثم بالأخص في الحدود التامة