الثاني والعشرون : " : فإن كانت اسما فلا عموم فيها على ما سبق ، وإنما الكلام في الحرفية ، والذي تدخل عليه أقسام : الألف واللام "
أحدها : الجمع سواء كان سالما أو مكسرا للقلة أو الكثرة ، وسواء كان له واحد من لفظه أم لا ، كالزيدين ، والعالمين والأرجل والرجال والأبابيل ومدلول كل منهما الآحاد المجتمعة دالا عليها دلالة تكرار الواحد . قاله بدر الدين بن مالك في أول " شرح الخلاصة " ، ودلالة الجمع على كل واحد من أفراده مطابقة ، ولهذا منعوا أن يقال : جاء رجل ورجل ورجل في [ ص: 115 ] القياس إذ لا فائدة في التكرار ، لإغناء لفظ الجمع عنه فلو كانت دلالته على رجل بالتضمن ، لكان قولنا : رجل ورجل ورجل مشتملا على فائدة جديدة
الثاني : اسم الجمع سواء كان له واحد من لفظه أم لا ، كركب وصحب وقوم ورهط . وما قيل : إن قوما جمع قائم ، كصوم وصائم وهم ، قال ابن عصفور : هذا النوع لا يدرك بالقياس ; بل هو محفوظ وقال ابن مالك : هو موضع لمجموع الآحاد ، أي لا لكل واحد على الانفراد ، وكذا قال بعض الحنفية . قال : وحيث تثبت الآحاد فلدخولها في المجموع ، حتى لو كان النفل لمجموعهم ، ولو دخله واحد لم يستحق شيئا . قال : الرهط أو القوم الذي يدخل الحصن فله كذا ، فدخله جماعة
فإن قلت : إذا لم يتناول كل واحد ، فكيف يصح استثناء الواحد منه في مثل جاءني القوم إلا زيدا ، والاستثناء يخرج ما يجب اندراجه لولاه ؟ قلت : من حيث إن مجيء المجموع لا يتصور بدون كل واحد ، حتى لو كان الحكم متعلقا بالمجموع من حيث هو مجموع من غير أن يثبت لكل فرد لم يصح الاستثناء مثل : يطيق رفع هذا الحجر القوم إلا زيدا ، وهذا كما يصح : عندي عشرة إلا واحدا ، ولا يصح العشرة زوج إلا واحدا ، إذ ليس الحكم على الآحاد ، بل على المجموع .
الثالث : اسم الجنس الذي يفرق بينه وبين واحده بالتاء ، وليس [ ص: 116 ] مصدرا ولا مشتقا منه ، كتمر وشجرة ، وهذا هو المشهور أعني كونه اسم جنس ، والغزالي يسميه جمعا ، وابن مالك يسميه اسم جمع ، فإنه عده في أسماء الجموع لكن سماه في شرح الكافية اسم جنس ، واختلف في مدلوله على أقوال :
أصحها : أنه يصلح للواحد والتثنية والجمع لأنه اسم جنس ، والجنس موجود مع كل من الثلاثة ، وحكى عن الكسائي العرب إطلاقه على الواحد ، وقال به الكوفيون ، سواء كان الواحد مذكرا أو مؤنثا .
قال الراغب في مفرداته : " النحل يطلق على الواحد والجمع " .
والثاني : أنه لا يطلق على أقل من ثلاثة ، قاله ، وتبعه ابن جني ابن مالك .
والثالث : أنه لا يطلق إلا على جمع الكثرة : ونقل ذلك عن الشلوبين وابن عصفور ، وهو مقتضى كلام ابن مالك في باب أمثلة الجمع . ولأجل ذلك أورده شراح على قوله : باب علم ما الكلم من العربية ، وقالوا : إنما هي اسم وفعل وحرف ، ثم أجابوا بأن تحت كل نوع منها أنواعا . سيبويه
والرابع : المثنى ، نحو الزيدان والرجلان وما ألحق به ، ودلالته على كل منهما كدلالة الجمع على أفراده .
الخامس : الدال على الحقيقة وأفراده متميزة ، وليس له مؤنث بالتاء ، كرجل وفرس . والقصد به الجنس مع الوحدة ما لم تقترن بما يزيلها من تثنية أو جمع أو عموم ، وبه جزم الغزالي في " المستصفى " ، والسكاكي والقرافي ، ويشهد له تثنيته وجمعه ، وصحة قولك : ما عندي رجل بل رجلان . [ ص: 117 ]
السادس : الاسم الدال على الحقيقة ، وأفراده متميزة وهو مؤنث ، لإطباقهم على أن اسم الجنس ما يفرق بينه وبين واحده بالتاء .
السابع : الاسم الدال على الحقيقة من حيث هي هي ولا يتميز بعضها عن بعض ، وليس لها مؤنث ، فلا إشكال أنه لا دلالة فيه على وحدة ولا تعدد ، كالماء والعسل في الأعيان ، والضرب والنوم في المصادر .
الثامن : ما كان كذلك إلا أن فيه التاء لا من أصل الوضع ، كضربة ، فمدلوله الواحدة .
التاسع : ما كان عددا كالثلاثة ، فهو نص في مدلوله ، وهو موضوع لمجموعها ، ودلالته على أحدها بالتضمن .