[ التنبيه الرابع ] [ والخلاف ] [ في دلالة المطابقة لفظية ] دلالة التضمن والالتزام
لا خلاف أن دلالة المطابقة لفظية ، واختلفوا في التضمن والالتزام على ثلاثه مذاهب :
أحدهما : أنهما عقليان ، لأن دلالة المعنى عليهما بالواسطة ، وهذا ما ذهب إليه الغزالي وصاحب المحصول واختاره أثير الدين الأبهري في كشف الحقائق والصفي الهندي . قال : وإنما وصفتا بكونهما عقليتين ، إما لأن العقل يستقل باستعمال اللفظ فيهما من غير افتقار إلى استعمال أهل اللسان اللفظ فيهما وهذا يستقيم على رأي من لم يعتبر الوضع في المجاز ، وإما لأن المميز بين مدلوليهما وهو الجزء واللازم هو العقل .
الثاني : أنهما لفظيان ونسبه بعضهم إلى الأكثرين ، واختاره ابن واصل في " شرح جمل الخونجي " . [ ص: 277 ] والثالث : أن دلالة التضمن لفظية والالتزام عقلية ، وبه قال الآمدي ، لأن الجزء داخل فيما وضع له اللفظ بخلاف اللازم فإنه خارج عنه . وابن الحاجب
وقال الهندي : وهذا ضعيف ، لأنه إن جعلت لفظية لأجل أن فهم الجزء منها إنما هو بواسطة اللفظ فدلالة الالتزام كذلك ، لأن فهم اللازم إنما هو بواسطة اللفظ الدال على الملزوم ، وإن كان لأجل أن اللفظ موضوع له بالوضع المختص بالحقيقة فباطل ، أو بالوضع المشترك بين الحقيقة والمجاز ، فاللازم أيضا كذلك إن اعتبر الوضع في المجاز ، والأقيس منهما : الوضع ، وإن كان لأجل أن الجزء داخل في المسمى ، واللازم خارج عنه فهو تحكم محض واصطلاح من غير مناسبة .
وقال صاحب الدقائق : ومن جعل الالتزام لفظية فقد أخطأ ، لأن الذهن ينتقل من اللفظ إلى معناه ، ومن معناه إلى اللزوم ، والتضمن غير خارج عن مسمى اللفظ بخلاف الالتزام ، وإلا فكل منهما منسوب إلى اللفظ ، وكل منهما عقلي بوجه واعتبار .