مسألة [ ] لا زائد في القرآن
ولا يجوز أن يقال : فيه زائد إلا بتأويل ، بل يقول : إن واضع اللغة لا يجوز عليه العبث ، فليس فيها لفظ زائد لا لفائدة ، وقول العلماء : " ما " زائدة و " الباء " زائدة ونحوها ، فمرادهم أن الكلام لا يختل معناه بحذفها أي : لا تتوقف دلالته على معناه الأصلي على ذكر ذلك الزائد لا أنه لا فائدة فيه أصلا ، فإن ذلك لا يجوز من واضع اللغة فضلا عن كلام الحكيم . وجميع ما قيل فيه زائد ، ففائدته التوكيد ، لأن الزيادة في الكلام تقتضي أن ذلك لم يصدر عن غفلة ، وإنما صدر عن قصد وتأمل ، وذلك من فوائد التوكيد اللفظي .
وقال ابن الخشاب في " المعتمد " : اختلف في هذه المساواة فذهب الأكثرون إلى جواز إطلاق الزائد في القرآن نظرا إلى أنه نزل بلسان القوم وبمتعارفهم ، وهو في كلامهم كثير ، ولأن الزيادة بإزاء الحذف هذا للاختصار والتخفيف ، وذلك للتوكيد والتوطئة ولا خلاف بينهم أن في [ ص: 201 ] التنزيل محذوفات جاءت للاختصار لمعان رائقة ، فكذلك تقول في الزيادة .
ومنهم من لا يرى الزيادة في شيء من الكلام ، ويقول : هذه الألفاظ التي يحملونها على الزيادة جاءت لفوائد ومعان تخصها ، فلا أقضي عليها بالزيادة .
وممن كان يرى هذا ، وكان عاليا في هذا الباب مغاليا في علم الاشتقاق ، وكان يزاحم أبو محمد عبد الله بن درستويه فيه بمنكبه ، ويذكر أنه ناظره فيه . الزجاج
قال ابن الخشاب : والتحقيق : أنه إن أراد القائل بالزيادة إثبات معنى لا حاجة إليه فهذا باطل ، ولا يقوله أحد ، لأنه عبث فتعين أن إلينا به حاجة لكن الحاجة إلى الأشياء قد تختلف بحسب المقصد فليست الحاجة إلى اللفظ الذي عد هؤلاء زيادة كالحاجة إلى اللفظ الذي رأوها مزيدة عليه ، لأن هذا بالاتفاق منا ومنهم إن اختل اختلفت به الفائدة فلم يكن الكلام دونه كلاما والذي سموه زائدا إن اختل به كانت الفائدة دونه ، والجملة مقتصرا بها على ما يميزه أكثرية فائدة وأقرب ، وعلى هذا يرتفع الخلاف .