مسألة [ ] الإعجاز في النظم والإعراب
ولا خلاف بين العقلاء أن كتاب الله معجز ، لأن العرب عجزوا عن معارضته . واختلفوا في سببه هل كان لكونه معجزا أو لمنع الله إياهم عن ذلك مع قدرتهم عليه ، وهو المسمى بالصرف ؟ على قولين : [ ص: 184 ] والثاني : قول المعتزلة . والأول : قول الجمهور . وقيل : الإعجاز لخروجه عن سائر أساليب العرب فزادهم أسلوبا لم يكن فيما بينهم في لغتهم ، لأنها محصورة في الرجز ، والشعر ، والرسالة ، والخط ، ومنظوم الكلام ومنثوره ، والقرآن خارج عن ذلك ، فجرى مجرى إحياء الموتى في زمن عيسى ، لأن في وقته كان الأطباء يدعون تصحيح المرضى ، ولم يكن دعوى إحياء الموتى فزاد عليهم إحياء الموتى ، وكذلك عصا موسى .
وقيل : الإعجاز في بلاغته وجزالته وفصاحته المجاوزة لحدود جزالة كلام العرب .
قال إمام الحرمين في " الأساليب " : والمختار : أن الإعجاز في جزالته مع أسلوبه الخارج عن أساليب كلام العرب ، والجزالة والأسلوب معا متعلقان بالألفاظ ، والمعنى في حكم الشائع للفظ ، واللفظ هو المتبوع ، ومن ثم لا تقوم ترجمة القرآن مقامه في إقامة فرض الصلاة خلافا للحنفية ، واختار ابن السمعاني في " القواطع " نحوه .
وحكي عن أن الإعجاز منع الخلق عن الإتيان به ، وليس هذا قول الصرفة المعزو إلى الشيخ الجاحظ أبي الحسن الأشعري والمعتزلة . فإن قول الصارفة معناه : أن قواهم كانت مجبولة على الإتيان بمثله ، ثم سلبهم الله تلك القوة ، فصاروا عاجزين ، والإعجاز حاصل بهذا حصول ابتداء ، لأن سلب الإنسان قدرته أعجز له وأبلغ من تحديه بما لم يقدر عليه .
وقيل : الإعجاز فيه غرابة النظم مع الإخبار عن الغيب وإتيانه بقصص الأولين والآخرين .