[ ص: 174 ] فصل [ النوع الثاني من كيد الله تعالى لعبده ]
; فيكون على هذا إلهامه النوع الثاني من كيده لعبده المؤمن : هو أن يلهمه تعالى أمرا مباحا أو مستحبا أو واجبا يوصله به إلى المقصود الحسن ليوسف أن يفعل ما فعل هو من كيده تعالى أيضا ، وقد دل على ذلك قوله : { نرفع درجات من نشاء } فإن فيها تنبيها على أن العلم الدقيق الموصل إلى المقصود الشرعي صفة مدح ، كما أن العلم الذي يخصم به المبطل صفة مدح ; وعلى هذا فيكون من الكيد ما هو مشروع ، لكن لا يجوز أن يراد به الكيد الذي تستحل به المحرمات أو تسقط به الواجبات ; فإن هذا كيد لله ، والله هو الذي يكيد الكائد ، ومحال أن يشرع الله تعالى أن يكاد دينه ، وأيضا فإن هذا الكيد لا يتم إلا بفعل يقصد به غير مقصوده الشرعي ، ومحال أن يشرع الله لعبده أن يقصد بفعله ما لم يشرع الله ذلك الفعل له .
فهذا هو يوسف عليه الصلاة والسلام ، وقد تبين أنها من أعظم الحجج عليهم ، وبالله التوفيق . الجواب عن احتجاج المتحيلين بقصة