مسألة : ما من حكم شرعي إلا وهو قابل للنسخ
ولنذكر الآن مسائل تتشعب عن النظر في ركني المنسوخ والناسخ ، وهي مسألتان في المنسوخ وأربع مسائل في المنسوخ به .
مسألة : ما من حكم شرعي إلا وهو قابل للنسخ
، خلافا للمعتزلة فإنهم قالوا من الأفعال ما لها صفات نفسية تقتضي حسنها وقبحها فلا يمكن نسخها . مثل معرفة الله تعالى والعدل وشكر المنعم فلا يجوز نسخ وجوبه ، ومثل الكفر والظلم والكذب فلا يجوز نسخ تحريمه . وبنوا هذا على تحسين العقل وتقبيحه وعلى وجوب الأصلح على الله تعالى ، وحجروا بسببه على الله تعالى في الأمر والنهي . وربما بنوا هذا على صحة إسلام الصبي وأن وجوبه بالعقل وأن استثناء الصبي غير ممكن . وهذه أصول أبطلناها وبينا أنه لا يجب أصل التكليف على الله تعالى كان فيه صلاح العباد أو لم يكن ، نعم بعد أن كلفهم لا يمكن أن ينسخ جميع التكاليف إذ لا يعرف النسخ إلا الله عز وجل ويجب على المكلف معرفة النسخ والناسخ والدليل المنصوب عليه ، فيبقى هذا التكليف بالضرورة . ونسلم أيضا أنه لا يجوز أن يكلفهم أن لا يعرفوه وأن يحرم عليهم معرفته ، لأن قوله : أكلفك أن لا تعرفني ، [ ص: 99 ] يتضمن المعرفة ، أي : عرفني لأني كلفتك أن لا تعرفني ، وذلك محال فيمتنع التكليف فيه عند من يمنع تكليف المحال . وكذلك لأنه محال لا يصح فعله ولا تركه . لا يجوز أن يكلفه معرفة شيء من الحوادث على خلاف ما هو به