مسألة : فعل المكره يجوز أن يدخل تحت التكليف
فعل المكره يجوز أن يدخل تحت ، التكليف
بخلاف فعل المجنون والبهيمة ; لأن الخلل ثم في المكلف لا في المكلف به . فإن شرط تكليف المكلف السماع والفهم وذلك في المجنون والبهيمة معدوم والمكره يفهم وفعله في حيز الإمكان إذ يقدر على تحقيقه وتركه ، فإن أكره على أن يقتل جاز أن يكلف ترك القتل ; لأنه قادر عليه وإن كان فيه خوف الهلاك ، وإن كلف على وفق الإكراه فهو أيضا ممكن بأن يكره بالسيف على قتل حية همت بقتل مسلم إذ يجب قتلها ، أو أكره الكافر على الإسلام فإذا أسلم نقول : قد أدى ما كلف .
وقالت المعتزلة : إن ذلك محال ; لأنه لا يصح منه إلا فعل ما أكره عليه فلا يبقى له خيرة ، وهذا محال ; لأنه قادر على تركه ولذلك يجب عليه ترك ما أكره عليه إذا أكره على قتل مسلم . وكذلك لو أكره على قتل حية فيجب قتل الحية .
وإذا أكره على إراقة الخمر فيجب عليه إراقة الخمر . وهذا ظاهر ولكن فيه غور ، وذلك ; لأن الامتثال إنما يكون طاعة إذا كان الانبعاث له [ ص: 73 ] بباعث الأمر والتكليف دون باعث الإكراه . فإن أقدم للخلاص من سيف المكره لا يكون مجيبا داعي الشرع ، وإن انبعث بداعي الشرع بحيث كان يفعله لولا الإكراه بل كان يفعله لو أكره على تركه فلا يمتنع وقوعه طاعة لكن لا يكون مكرها وإن وجد صورة التخويف ، فليتنبه لهذه الدقيقة .