بيان كيفية دورانه على الأقطاب الأربعة
اعلم أنك إذا فهمت أن نظر الأصولي في وجوه دلالة الأدلة السمعية على الأحكام الشرعية لم يخف عليك أن المقصود معرفة ، فوجب النظر في الأحكام ، ثم في الأدلة وأقسامها ، ثم في كيفية اقتباس الأحكام من الأدلة ، ثم في صفات المقتبس الذي له أن يقتبس الأحكام ، فإن الأحكام ثمرات وكل ثمرة فلها صفة وحقيقة في نفسها ولها مثمر ومستثمر وطريق في الاستثمار . كيفية اقتباس الأحكام من الأدلة
والثمرة هي الأحكام ، أعني الوجوب والحظر والندب والكراهة والإباحة والحسن والقبح والقضاء والأداء والصحة والفساد وغيرها والمثمر هي الأدلة ، وهي ثلاثة الكتاب والسنة والإجماع فقط . وطرق الاستثمار هي وجوه دلالة الأدلة وهي أربعة ، إذ الأقوال إما أن تدل على الشيء بصيغتها ومنظومها ، أو بفحواها ومفهومها وباقتضائها وضرورتها أو بمعقولها ومعناها المستنبط منها .
والمستثمر هو المجتهد ، ولا بد من معرفة صفاته وشروطه وأحكامه . فإذا : جملة الأصول تدور على أربعة أقطاب
القطب الأول : في الأحكام ، والبداءة بها أولى لأنها الثمرة المطلوبة .
القطب الثاني : في الأدلة ، وهي الكتاب والسنة والإجماع وبها التثنية إذ بعد الفراغ من معرفة الثمرة لا أهم من معرفة المثمر .
القطب الثالث : في طريق الاستثمار ، وهو وجوه دلالة الأدلة ، وهي أربعة : دلالة بالمنظوم ، ودلالة بالمفهوم ، ودلالة بالضرورة والاقتضاء ، ودلالة بالمعنى المعقول .
القطب الرابع : في المستثمر وهو المجتهد الذي يحكم بظنه ، ويقابله المقلد [ ص: 8 ] الذي يلزمه اتباعه ، فيجب ذكر شروط المقلد والمجتهد وصفاتهما .