مسألة اختلف الصائرون إلى أن الأمر ليس للتكرار في الأمر المضاف إلى شرط
اختلف الصائرون إلى أن الأمر ليس للتكرار في الأمر المضاف إلى شرط
فقال قوم : لا أثر للإضافة وقال قوم : يتكرر بتكرار الشرط ، والمختار أنه لا أثر للشرط ; لأن قوله : " اضربه " أمر ليس يقتضي التكرار ، فقوله : " اضربه إن كان قائما " أو " إذا كان قائما " لا يقتضيه أيضا بل لا يريد إلا اختصاص الضرب الذي يقتضيه الإطلاق بحالة للقيام ، وهو كقوله : لوكيله طلق زوجتي إن دخلت الدار " لا يقتضي التكرار بتكرر الدخول ، بل لو قال : " إن دخلت الدار فأنت طالق " لم يتكرر بتكرر الدخول إلا أن يقول : " كلما دخلت الدار " ، وكذلك قوله تعالى : { فمن شهد منكم الشهر فليصمه } ، وإذا زالت الشمس فصل ، كقوله : لزوجاته " فمن شهد منكن الشهر فهي طالق ، ومن زالت عليها الشمس فهي طالق " ، ولهم شبهتان : الأولى : أن الحكم يتكرر بتكرر العلة ، والشرط كالعلة ، فإن علل الشرع علامات .
قلنا : العلة إن كانت عقلية فهي موجبة لذاتها ، ولا يعقل وجود ذاتها دون المعلول ، وإن كانت شرعية ، فلسنا نسلم تكرر الحكم بمجرد إضافة الحكم إلى العلة ما لم تقترن به قرينة أخرى ، وهو التعبد بالقياس ، ومعنى التعبد بالقياس الأمر باتباع العلة ، وكأن الشرع يقول : الحكم يثبت بها فاتبعوها .
الشبهة الثانية : أن أوامر الشرع إنما تتكرر بتكرر الأسباب ، كقوله تعالى : { وإن كنتم جنبا فاطهروا } و { إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا } قلنا : ليس ذلك بموجب اللغة ، ومجرد الإضافة بل بدليل شرعي في كل شرط فقد قال تعالى : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } ، ولا يتكرر الوجوب بتكرر [ ص: 215 ] الاستطاعة . فإن أحالوا ذلك على الدليل أحلناها بتكرر أيضا على الدليل ، كيف ، ومن قام إلى الصلاة غير محدث فلا يتكرر عليه ، ومن كان جنبا فليس عليه أن يتطهر ، إذا لم يرد الصلاة فلم يتكرر مطلقا ، لكن اتبع فيه موجب الدليل ؟