أما الثاني ، وهو تصوره : فدليل تصوره وجوده ، فقد وجدنا الأمة مجمعة على أن الصلوات خمس ، وأن صوم رمضان واجب ، وكيف يمتنع تصوره والأمة كلهم متعبدون باتباع النصوص والأدلة القاطعة ومعرضون للعقاب بمخالفتها ؟ فكما لا يمتنع اجتماعهم على الأكل والشرب لتوافق الدواعي فكذلك على اتباع الحق واتقاء النار . فإن قيل : الأمة مع كثرتها واختلاف دواعيها في الاعتراف بالحق والعناد فيه كيف تتفق آراؤها ؟ فذلك محال منها كاتفاقهم على أكل الزبيب مثلا في يوم واحد . قلنا : لا صارف لجميعهم إلى تناول الزبيب خاصة ، ولجميعهم باعث على الاعتراف بالحق ، كيف وقد تصور إطباق اليهود مع كثرتهم على الباطل ، فلم لا يتصور إطباق المسلمين على الحق ؟ والكثرة إنما تؤثر عند تعارض الأشباه والدواعي والصوارف ، ومستند الإجماع في الأكثر نصوص متواترة وأمور معلومة ضرورة بقرائن الأحوال ، والعقلاء كلهم فيه على منهج واحد . نعم عن اجتهاد أو قياس ؟ ذلك فيه كلام سيأتي إن شاء الله . هل يتصور الإجماع