وكالمسألة المتقدمة : ما أشير إليه بقوله [ ص: 434 ] ( أوله حقيقة لغة وشرعا ، فللشرعي ) يعني أن ، كالوضوء والصلاة والزكاة والصوم والحج ونحوها . فإنه يجب حمل ذلك على عرف الشرع عند أكثر العلماء . لأن النبي صلى الله عليه وسلم مبعوث لبيان الشرعيات . ولأنه كالناسخ المتأخر . فيجب حمله عليه . ولذلك ضعفوا حمل حديث " { خطاب الشرع إذا ورد بلفظ له حقيقة في اللغة وحقيقة في الشرع } على التنظيف بغسل اليد ، ورجح من أكل لحم جزور فليتوضأ النووي التوضؤ منه لضعف الجواب عن الحديث الصحيح بذلك . قال البرماوي : هذا أرجح المذاهب في المسألة . وقال : يحمل على اللغوي ، إلا أن يدل دليل على إرادة الشرعي . قال : لأن الشرعي مجاز . والكلام لحقيقته ، حتى يدل دليل على المجاز وأجيب : بأنه بالنسبة إلى الشرع حقيقة ، وإلى اللغة مجاز ، فذلك دليل عليه لا له . وقيل : هو ظاهر كلام أبو حنيفة رحمه الله أنه مجمل ( ف ) على القول الأول ( إن تعذر ) الحمل على الشرعي ( فالعرفي ) أي فإنه يحمل على العرفي . لأنه المتبادر إلى الفهم . ولهذا اعتبر الشارع العادات في مواضع كثيرة . فإن تعذر الحمل على العرفي ( فاللغوي ) يعني فإنه يحمل على اللغوي ، كقوله صلى الله عليه وسلم { أحمد } حمله من دعي إلى وليمة فليجب . فإن كان مفطرا فليأكل ، وإن كان صائما فليصل في صحيحه وصاحب المغني والشرح وغيرهما على معنى " فليدع " ويؤيد هذا الحمل : ما روى ابن حبان " { أبو داود } ويكون النبي صلى الله عليه وسلم مراده اللغة . فإن كان صائما فليدع
فإن تعذر أيضا الحمل على اللغوي ( فالمجاز ) يعني فيحمل على المجاز . لأن الكلام إما حقيقة وإما مجاز ، وقد تعذر حمله على الحقيقة ، فما بقي إلا المجاز فيحمل عليه ، والأقوال السابقة في مجاز مشهور وحقيقة لغوية ، والله أعلم .