( فصل لا تعارض بين فعليه ) أي : ، كما لو فعل صلاة ، ثم فعلها مرة أخرى في وقت آخر ( و ) كذا ( لو اختلفا ) وأمكن اجتماعهما . فعلي رسول الله صلى الله عليه وسلم إن تماثلا
كفعل صوم وفعل صلاة ( أو لم يمكن اجتماعهما ، لكن لا يتناقض حكماهما ) لإمكان الجمع . وحيث أمكن الجمع امتنع التعارض ( وكذا إن تناقض ) الحكم ( كصوم ) رسول الله صلى الله عليه وسلم في ( وقت ) بعينه ( وفطر ) هـ في ( مثله ) فإنهما لا يتعارضان أيضا ، لإمكان كونه واجبا أو مندوبا أو مباحا في أحد الوقتين وفي الوقت الآخر بخلافه ( لكن إن دل دليل على وجوب تكرر ) فعله ( الأول له ) أي على وجوب تكرر الصوم عليه صلى الله عليه وسلم في مثل ذلك الوقت ( أو ) دل دليل ( لأمته ) على وجوب التأسي به في ذلك الفعل في مثل ذلك الوقت ( فتلبس بضده ) أي في مثل ذلك الوقت ، وهو الفطر مع قدرته على الصوم ، دل أكله على نسخ دليل تكرار الصوم في حقه ، لا نسخ حكم الصوم السابق ، لعدم اقتضائه التكرار . ورفع حكم وجد محال ( أو أقر آكلا في مثله ) أي في مثل ذلك الوقت : ( فنسخ ) ، لدليل تعميم الصوم على الأمة في حق ذلك الشخص ، أو تخصيصه . وقد يطلق النسخ والتخصيص على المعنى ، بمعنى زوال التعبد مجازا . وقيل في فعلي رسول الله صلى الله عليه وسلم المختلفين : إنه إن علم التاريخ . فالثاني ناسخ ، ولا تعارض وإلا تعارضا ، وعدل إلى القياس وغيره من الترجيحات .
وحيث انتهى القول فيما إذا تعارض فعلاه صلى الله عليه وسلم ، فلنشرع الآن فيما إذا تعارض فعله وقوله ، بأن كان كل منهما يقتضي خلاف ما يقتضيه [ ص: 221 ] الآخر . وتنحصر مسائل ذلك في اثنتين وسبعين مسألة . ووجه الحصر في ذلك : أنه لا يخلو إما أن لا يدل دليل على التكرار والتأسي ، أو يدل الدليل على كل منهما ، أو يدل على الأول ، وهو التكرار ، دون الثاني وهو التأسي ، أو يدل على الثاني وحده ، وهو التأسي دون الأول ، وهو التكرار . فهذه أربعة أقسام ، كل من الأربعة يتنوع إلى ثمانية عشر نوعا ، فيصير المجموع اثنتين وسبعين مسألة ; لأن كل واحد من الأقسام الأربعة لا يخلو إما أن يكون القول خاصا به ، أو خاصا بنا ، أو عاما له ولنا ، وعلى كل تقدير من ذلك لا يخلو إما أن يكون القول متقدما على الفعل ، ومتأخرا عنه ، أو مجهول التاريخ . فهذه تسعة أنواع حصلت من ضرب ثلاثة في ثلاثة ، وعلى كل تقدير منها لا يخلو إما أن يظهر أثره في حقه ، أو في حقنا . فهذه ثمانية عشر نوعا مضروبة في الأربعة الأقسام المذكورة . فتصير اثنتين وسبعين مسألة تؤخذ من منطوق المتن والشرح ومفهومهما ( وحيث ) علمت ذلك . فإنه ( لا ) تعارض ( في فعله وقوله ، حيث لا دليل على تكرر ) في حقه صلى الله عليه وسلم ( ولا تأس ) به . وهذا هو القسم الأول ( والقول خاص به ) أي والحال أن القول خاص به صلى الله عليه وسلم ( و ) الحال أيضا أن القول ( تأخر ) عن الفعل . مثال ذلك : أن ونحو ذلك . ووجه عدم التعارض في حقه وحق أمته جميعا : كون الجمع ممكنا لعدم الدليل على التكرار ، ولم يكن رافعا لحكم في الماضي ولا في المستقبل . أما عدم التعارض في حقه : فلأن القول لم يتناول الزمان الذي وقع فيه الفعل ، والفعل أيضا : لم يتناول الزمان الذي تعلق به القول . فلا يكون أحدهما رافعا لحكم الآخر . وأما عدم التعارض في حق الأمة : فظاهر ; لأنه ليس لواحد من القول والفعل تعلق بالأمة ( لكن إن يفعل شيئا في وقت ، ثم يقول بعد ذلك : لا يجوز لي مثل هذا الفعل في مثل هذا الوقت ( فالفعل ) الذي تلبس به ( ناسخ ) لحكم قوله السابق [ ص: 222 ] لجواز النسخ قبل التمكن على الصحيح . وذكر تقدم ) القول على الفعل . كما لو قال النبي صلى الله عليه وسلم : يجب علي كذا في وقت كذا . وتلبس بضده في ذلك الوقت الأصفهاني في شرح المختصر : أنه إن كان الفعل بعد التمكن من مقتضى القول لم يكن ناسخا للقول ، إلا أن يدل دليل على وجوب تكرار مقتضى القول . فإنه حينئذ يكون الفعل ناسخا لتكرر مقتضى القول . ولم يذكر ذلك ، ولا ابن الحاجب ابن مفلح . قال في شرح التحرير : وتابعتهما