الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              823 [ 422 ] وعنها قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرضه الذي لم يقم منه : لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد .

                                                                                              قالت : فلولا ذلك أبرز قبره ، غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا .


                                                                                              رواه أحمد (6 \ 34 و 80)، والبخاري (1330)، ومسلم (529)، والنسائي (2 \ 40 - 41) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وقوله : أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا ، وصوروا تلك الصور ، قال الشيخ : إنما فعل ذلك أوائلهم ليتأنسوا برؤية تلك الصورة ، ويتذكروا بها أحوالهم الصالحة ، فيجتهدون كاجتهادهم ، ويعبدون الله [ ص: 128 ] تعالى عند قبورهم ، فمضت لهم بذلك أزمان ، ثم إنهم خلف من بعدهم خلف جهلوا أغراضهم ، ووسوس لهم الشيطان : أن آباءهم وأجدادهم كانوا يعبدون هذه الصور ويعظمونها ، فعبدوها ، فحذر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن مثل ذلك ، وشدد النكير والوعيد على فعل ذلك ، وسد الذرائع المؤدية إلى ذلك ، فقال : اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ، فلا تتخذوا القبور مساجد ، أي : أنهاكم عن ذلك . وقال : " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد " ، وقال : اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد ، ولهذا بالغ المسلمون في سد الذريعة في قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأعلوا حيطان تربته ، وسدوا المداخل إليها ، وجعلوها محدقة بقبره - صلى الله عليه وسلم - ، ثم خافوا أن يتخذ موضع قبره قبلة - إذ كان مستقبل المصلين - ، فتتصور الصلاة إليه بصورة العبادة ، فبنوا جدارين من ركني القبر الشماليين ، وحرفوهما حتى التقيا على زاوية مثلث من ناحية الشمال ، حتى لا يتمكن أحد من استقبال قبره ، ولهذا الذي ذكرناه كله قالت عائشة : ولولا ذلك لأبرز قبره .

                                                                                              [ ص: 129 ] تنبيه : وفي هذه الأحاديث ما يستدل به مالك - على صحة القول بسد الذرائع - على الشافعي وغيره من المانعين لذلك ، وهي مستوفاة في الأصول .




                                                                                              الخدمات العلمية