269 (62) باب
شفاعة الملائكة والنبيين والمؤمنين
[ 149 ] عن أبي سعيد الخدري ; وهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر صحوا ليس فيها سحاب ؟ قالوا : لا . يا رسول الله ! قال : ما تضارون في رؤية الله يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية أحدهما . إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن : ليتبع كل أمة ما كانت تعبد . فلا يبقى أحد كان يعبد غير الله من الأصنام والأنصاب ، إلا يتساقطون في النار . حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر ، وغبر هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة صحوا ليس معها سحاب ؟ أهل الكتاب . فيدعى اليهود فيقال لهم : ما كنتم تعبدون ؟ قالوا : كنا نعبد عزير ابن الله . فيقال : كذبتم ، ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد . فماذا تبغون ؟ قالوا : عطشنا ، يا ربنا! فاسقنا . فيشار إليهم : ألا تردون ؟ فيحشرون إلى النار كأنها سراب ، يحطم بعضها بعضا ، فيتساقطون في النار . ثم يدعى النصارى . فيقال لهم : ما كنتم تعبدون ؟ قالوا : كنا نعبد المسيح ابن الله . فيقال لهم : كذبتم ، ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد ، فيقال لهم : ماذا تبغون ؟ فيقولون : عطشنا ، يا ربنا ! فاسقنا . قال : فيشار إليهم : ألا تردون ؟ فيحشرون إلى جهنم كأنها سراب ، يحطم بعضها بعضا ، فيتساقطون في النار . حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر ، أتاهم رب العالمين في أدنى صورة من التي رأوه فيها . قال : فما تنتظرون ؟ تتبع كل أمة ما كانت تعبد . قالوا : يا ربنا ! فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم ، فيقول : أنا ربكم . فيقولون : نعوذ بالله منك . لا نشرك بالله شيئا - مرتين أو ثلاثا - حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب . فيقول : هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها ؟ فيقولون : نعم . فيكشف عن ساق ، فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود ، ولا يبقى من كان يسجد اتقاء ورياء إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة ، كلما أراد أن يسجد خر على قفاه . ثم يرفعون رءوسهم ، وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرة . فيقول : أنا ربكم . فيقولون : أنت ربنا . ثم يضرب الجسر على جهنم ، وتحل الشفاعة . ويقولون : اللهم! سلم . سلم . قيل : يا رسول الله ! وما الجسر ؟ قال : دحض مزلة . فيها خطاطيف وكلاليب ، وحسك ، تكون بنجد فيها شويكة ، يقال لها السعدان . فيمر المؤمنون كطرف العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الخيل والركاب . فناج مسلم ، ومخدوش مرسل ، ومكدوس في نار جهنم . حتى إذا خلص المؤمنون من النار ، فوالذي نفسي بيده ، ما منكم من أحد بأشد مناشدة لله ، في استقصاء الحق ، من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهم الذين في النار . يقولون : ربنا ! كانوا يصومون معنا ويصلون ويحجون . فيقال لهم : أخرجوا من عرفتم ، فتحرم صورهم على النار ، فيخرجون خلقا كثيرا . قد أخذت النار إلى نصف ساقيه وإلى ركبتيه ، يقولون : ربنا ! ما بقي فيها أحد ممن أمرتنا به . فيقول جل وعز : ارجعوا . فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير فأخرجوه . فيخرجون خلقا كثيرا . ثم يقولون : ربنا ! لم نذر فيها أحدا ممن أمرتنا . ثم يقول : ارجعوا . فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار من خير فأخرجوه . فيخرجون خلقا كثيرا . ثم يقولون : ربنا ! لم نذر فيها ممن أمرتنا أحدا . ثم يقول : ارجعوا . فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فأخرجوه . فيخرجون خلقا كثيرا . ثم يقولون : ربنا ! لم نذر فيها خيرا .
وكان يقول : إن لم تصدقوني بهذا الحديث فاقرءوا إن شئتم : أبو سعيد إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما [ النساء : 4 ] . فيقول الله تعالى : شفعت الملائكة ، وشفع النبيون ، وشفع المؤمنون ، ولم يبق إلا أرحم الراحمين . فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط ، قد عادوا حمما . فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة يقال له نهر الحياة ، فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل ، ألا ترونها تكون إلى الحجر أو إلى الشجر ، ما يكون إلى الشمس أصيفر وأخيضر ، وما يكون منها إلى الظل يكون أبيض ؟ فقالوا : يا رسول الله ! كأنك كنت ترعى بالبادية . قال : فيخرجون كاللؤلؤ ، في رقابهم الخواتم ، يعرفهم أهل الجنة ، هؤلاء عتقاء الله ، الذين أدخلهم الله الجنة بغير عمل عملوه ولا خير قدموه . ثم يقول : ادخلوا الجنة فما رأيتموه فهو لكم . فيقولون : ربنا أعطيتنا ما لم تعط أحدا من العالمين . فيقول : لكم عندي أفضل من هذا . فيقولون : يا ربنا ! أي شيء أفضل من هذا ؟ فيقول : رضاي : فلا أسخط عليكم بعده أبدا . أن ناسا في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا : يا رسول الله ! هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : نعم قال :
وفي رواية ; قال أبو سعيد : . بلغني أن الجسر أدق من الشعر وأحد من السيف
رواه أحمد ( 3 \ 16 ) ، والبخاري ( 7439 ) ، ومسلم ( 183) ، والنسائي ( 8 \ 112 - 113 ) .