الخامس : : سبعة من الحفاظ في ساقتهم أحسنوا التصنيف، وعظم الانتفاع بتصانيفهم في أعصارنا
: مات بها في ذي القعدة سنة خمس وثمانين وثلاثمائة، ولد في ذي القعدة سنة ست وثلاثمائة . أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني البغدادي
ثم : مات بها في صفر سنة خمس وأربعمائة ، وولد بها في شهر ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة . الحاكم أبو عبد الله بن البيع النيسابوري
ثم أبو محمد عبد الغني بن سعيد الأزدي حافظ مصر: ولد في ذي القعدة سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة ، ومات بمصر في صفر سنة تسع وأربعمائة .
ثم ولد سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، ومات في صفر سنة ثلاثين وأربعمائة أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني الحافظ: بأصبهان .
ومن الطبقة الأخرى :
حافظ أهل أبو عمر بن عبد البر النمري المغرب: ولد في شهر ربيع الآخر سنة ثمان وستين وثلاثمائة، ومات بشاطبة من بلاد الأندلس في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وستين وأربعمائة .
ثم : ولد سنة أربع وثمانين وثلاثمائة، ومات أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي بنيسابور في جمادى الأولى سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، ونقل إلى بيهق فدفن بها.
ثم : ولد في جمادى الآخرة سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، ومات أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغداذي ببغداذ في ذي الحجة سنة ثلاث وستين وأربعمائة، رحمهم الله وإيانا والمسلمين أجمعين، والله أعلم .
النوع الحادي والستون
معرفة الثقات والضعفاء من رواة الحديث
هذا من أجل نوع وأفخمه، فإنه المرقاة إلى معرفة صحة الحديث وسقمه، ولأهل المعرفة بالحديث فيه تصانيف كثيرة :
منها ما أفرد في الضعفاء: ككتاب الضعفاء ، والضعفاء للبخاري ، والضعفاء للنسائي للعقيلي وغيرها .
ومنها في الثقات فحسب: ككتاب الثقات لأبي حاتم بن حبان.
ومنها ما جمع فيه بين الثقات والضعفاء كتاريخ ، و تاريخ البخاري وما أغزر فوائده، وكتاب الجرح والتعديل ابن أبي خيثمة . لابن أبي حاتم الرازي
روينا عن صالح بن محمد الحافظ جزرة قال: أول من تكلم في الرجال ثم تبعه شعبة بن الحجاج، ثم بعده يحيى بن سعيد القطان، ، أحمد بن حنبل وهؤلاء. ويحيى بن معين.
قلت : يعني أنه أول من تصدى لذلك وعني به، وإلا فالكلام فيهم جرحا وتعديلا متقدم ثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم عن كثير من الصحابة والتابعين فمن بعدهم، وجوز ذلك صونا للشريعة، ونفيا للخطأ والكذب عنها .
وكما جاز الجرح في الشهود جاز في الرواة ، ورويت عن أبي بكر بن خلاد قال: قلت ليحيى بن سعيد: أما تخشى أن يكون هؤلاء الذين تركت حديثهم خصماءك عند الله يوم القيامة؟ فقال : لأن يكونوا خصمائي أحب إلي من أن يكون خصمي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لي: "لم لم تذب الكذب عن حديثي؟".
وروينا - أو بلغنا - أن أبا تراب النخشبي الزاهد سمع من شيئا من ذلك، فقال له : "يا شيخ! لا تغتاب العلماء ، فقال له : ويحك! هذا نصيحة ليس هذا غيبة ". أحمد بن حنبل
ثم إن على الآخذ في ذلك أن يتقي الله - تبارك وتعالى - ويتثبت ويتوقى التساهل، كيلا يجرح سليما ويسم بريئا بسمة سوء يبقى عليه الدهر عارها ، وأحسب أبا محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم - وقد قيل إنه كان يعد من الأبدال - من مثل ما ذكرناه خاف ، فيما رويناه أو بلغنا أن يوسف بن الحسين الرازي وهو الصوفي دخل عليه وهو يقرأ كتابه في الجرح والتعديل، فقال له : كم من هؤلاء القوم قد حطوا رواحلهم في الجنة منذ مائة سنة ومائتي سنة وأنت تذكرهم وتغتابهم؟ فبكى عبد الرحمن .
وبلغنا أيضا أنه حدث وهو يقرأ كتابه ذلك على الناس عن أنه قال: "إنا لنطعن على أقوام لعلهم قد حطوا رحالهم في الجنة منذ أكثر من مائتي سنة" فبكى يحيى بن معين عبد الرحمن ، وارتعدت يداه حتى سقط الكتاب من يده .
قلت : وقد أخطأ فيه غير واحد على غير واحد، فجرحوهم بما لا صحة له .
من ذلك : جرح أبي عبد الرحمن النسائي ، وهو حافظ ثقة إمام، لا يعلق به جرح، أخرج عنه لأحمد بن صالح في صحيحه ، وقد كان من البخاري إلى أحمد جفاء أفسد قلبه عليه . النسائي
وروينا عن أبي يعلى الخليلي الحافظ قال: اتفق الحفاظ على أن كلامه فيه تحامل، ولا يقدح كلام أمثاله فيه .
قلت : إمام حجة في الجرح والتعديل، وإذا نسب مثله إلى مثل هذا كان وجهه أن عين السخط تبدي مساوئ، لها في الباطن مخارج صحيحة تعمى عنها بحجاب السخط، لا أن ذلك يقع من مثله تعمدا لقدح يعلم بطلانه، فاعلم هذا فإنه من النكت النفيسة المهمة . النسائي
وقد مضى الكلام في أحكام الجرح والتعديل في النوع الثالث والعشرين، والله أعلم .
النوع الثاني والستون
معرفة من خلط في آخر عمره من الثقات
هذا فن عزيز مهم، لم أعلم أحدا أفرده بالتصنيف واعتنى به، مع كونه حقيقا بذلك جدا.
وهم منقسمون : فمنهم من خلط لاختلاطه وخرفه، ومنهم من خلط لذهاب بصره، أو لغير ذلك .
والحكم فيهم أنه يقبل حديث من أخذ عنهم قبل الاختلاط، ولا يقبل حديث من أخذ عنه بعد الاختلاط، أو أشكل أمره فلم يدر هل أخذ عنه قبل الاختلاط أو بعده .
فمنهم : اختلط في آخر عمره، فاحتج أهل العلم برواية الأكابر عنه، مثل عطاء بن السائب سفيان الثوري ، لأن سماعهم منه كان في الصحة، وتركوا الاحتجاج برواية من سمع منه آخرا. وشعبة
وقال في يحيى بن سعيد القطان : "إلا حديثين كان شعبة يقول : سمعتهما بأخرة عن شعبة ". زاذان
[ ص: 1391 ] [ ص: 1392 ] [ ص: 1393 ] [ ص: 1394 ] [ ص: 1395 ]