الخامسة: لأن المعدل يخبر عما ظهر من حاله، والجارح يخبر عن باطن خفي على المعدل، فإن كان عدد المعدلين أكثر فقد قيل التعديل أولى. والصحيح - والذي عليه الجمهور - أن الجرح أولى؛ لما ذكرناه. والله أعلم. إذا اجتمع في شخص جرح وتعديل، فالجرح مقدم؛
السادسة: فإذا قال: "حدثني الثقة" أو نحو ذلك مقتصرا عليه لم يكتف به، فيما ذكره لا يجزئ التعديل على الإبهام من غير تسمية المعدل، الخطيب الحافظ، والصيرفي الفقيه، وغيرهما، خلافا لمن اكتفى بذلك، وذلك لأنه قد يكون ثقة عنده، وغيره قد اطلع على جرحه بما هو جارح عنده أو بالإجماع، فيحتاج إلى أن يسميه حتى يعرف، بل إضرابه عن تسميته مريب يوقع في القلوب فيه ترددا.
فإن كان القائل لذلك عالما أجزأ ذلك في حق من يوافقه في مذهبه، على ما اختاره بعض المحققين.
وذكر أن العالم إذا قال: "كل من رويت عنه فهو ثقة وإن لم أسمه، ثم روى عمن لم يسمه فإنه يكون مزكيا له، غير أنا لا نعمل بتزكيته هذه" وهذا على ما قدمناه. والله أعلم. الخطيب الحافظ
السابعة: عند أكثر العلماء من أهل الحديث وغيرهم. إذا روى العدل عن رجل وسماه لم تجعل روايته عنه تعديلا منه له
وقال بعض أهل الحديث وبعض أصحاب "يجعل ذلك تعديلا منه له؛ لأن ذلك يتضمن التعديل" والصحيح هو الأول؛ لأنه يجوز أن يروي عن غير عدل فلم تتضمن روايته عنه تعديله. الشافعي:
وهكذا نقول: إن عمل العالم أو فتياه على وفق حديث ليس حكما منه بصحة ذلك الحديث، وكذلك مخالفته للحديث ليست قدحا منه في صحته ولا في راويه. والله أعلم.
[ ص: 565 ] [ ص: 566 ]