قلت: ولقائل أن يقول: إنما وقل ما يتعرضون فيها لبيان السبب، بل يقتصرون على مجرد قولهم: "فلان ضعيف، وفلان ليس بشيء" ونحو ذلك، أو: "هذا حديث ضعيف، وهذا حديث غير ثابت" ونحو ذلك، فاشتراط بيان السبب يفضي إلى تعطيل ذلك وسد باب الجرح في الأغلب الأكثر. يعتمد الناس في جرح الرواة ورد حديثهم على الكتب التي صنفها أئمة الحديث في الجرح أو في الجرح والتعديل،
وجوابه: أن ذلك وإن لم نعتمده في إثبات الجرح والحكم به، فقد اعتمدناه في أن توقفنا عن قبول حديث من قالوا فيه مثل ذلك، بناء على أن ذلك أوقع عندنا فيهم ريبة قوية يوجب مثلها التوقف.
ثم من انزاحت عنه الريبة منهم ببحث عن حاله أوجب الثقة بعدالته قبلنا حديثه ولم نتوقف، كالذين احتج بهم صاحبا الصحيحين وغيرهما ممن مسهم مثل هذا الجرح من غيرهم، فافهم ذلك، فإنه مخلص حسن. والله أعلم.
[ ص: 559 ]