ونوضح هذه الجملة بمسائل:
إحداها: عدالة الراوي
تارة تثبت بتنصيص المعدلين على عدالته، وتارة تثبت بالاستفاضة، فمن اشتهرت عدالته بين أهل النقل أو نحوهم من أهل العلم، وشاع الثناء عليه بالثقة والأمانة، استغني فيه بذلك عن بينة شاهدة بعدالته تنصيصا، وهذا هو الصحيح في مذهب رضي الله عنه، وعليه الاعتماد في فن أصول الفقه. الشافعي
وممن ذكر ذلك من أهل الحديث ومثل ذلك أبو بكر الخطيب الحافظ، بمالك، والسفيانين، وشعبة، والأوزاعي، والليث، وابن المبارك، ووكيع، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، ومن جرى مجراهم في نباهة الذكر واستقامة الأمر، فلا يسأل عن عدالة هؤلاء وأمثالهم، وإنما يسأل عن عدالة من خفي أمره على الطالبين. وعلي ابن المديني،
وتوسع في هذا فقال: (كل حامل علم معروف العناية به فهو عدل، محمول في أمره أبدا على العدالة حتى يتبين جرحه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله") وفيما قاله اتساع غير مرضي. والله أعلم. ابن عبد البر الحافظ
[ ص: 553 ]