الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=888795لا يزالون يستفتون حتى nindex.php?page=treesubj&link=32219يقول أحدهم هذا الله خلق فمن خلق الله زاد الشيخان " nindex.php?page=hadith&LINKID=653034فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته " وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080لمسلم " nindex.php?page=hadith&LINKID=657198فمن وجد من ذلك شيئا فليقل آمنت بالله " زاد في رواية ورسله
(السَّابِعَةُ) وَفِيهِ nindex.php?page=treesubj&link=31022الْإِخْبَارُ عَنْ مَغِيبٍ قَدْ وَقَعَ كَمَا أَخْبَرَ بِهِ صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 163 ] (الحديث الرابع) وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=688705لا تزالون تستفتون حتى يقول أحدكم هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله (فيه) فوائد : .
(الأولى) اتفق عليه الشيخان من طريق nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=688871يأتي الشيطان أحدكم فيقول من خلق كذا من خلق كذا حتى يقول من خلق ربك فإذا بلغه فليستعذ ولينته وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا من طريق nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=688871لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال هذا خلق الله الخلق فمن خلق الله ؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل آمنت بالله زاد في رواية من هذا الوجه ورسله ومن طريق nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب عن nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=657200لا يزال الناس يسألونكم عن العلم حتى يقولوا هذا الله خلقنا فمن خلق الله ؟ قال وهو آخذ بيد رجل فقال صدق الله ورسوله قد سألني اثنان وهذا الثالث أو قال سألني واحد وهذا الثاني ومن طريق يحيى بن كثير عن nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=657201لا يزالون يسألونك يا nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة حتى يقولوا هذا الله فمن خلق الله ، فبينما أنا في المسجد إذ جاءني ناس من الأعراب فقالوا يا nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة هذا الله فمن خلق الله قال فأخذ حصى بكفه فرماهم به ، ثم قال : قوموا قوموا صدق خليلي صلى الله عليه وسلم ومن طريق nindex.php?page=showalam&ids=17354يزيد بن الأصم عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=657202ليسألنكم الناس عن كل شيء حتى يقولوا الله خلق كل شيء فمن خلقه .
(الثانية) فيه إشارة إلى ذم nindex.php?page=treesubj&link=19137كثرة السؤال والاستفتاء عن الأمور التي لا يحتاج إليها ، وأن ذلك يجر إلى السؤال عما لا يجوز فينبغي للإنسان اجتنابه حذرا مما يجر إليه .
(الثالثة) وفيه أن ذلك من وسوسة الشيطان ، وأنه [ ص: 164 ] يحرم النطق به ويجب الإعراض عنه ، ودفعه عن الخاطر وأن يلجأ الإنسان إلى الاستعاذة بالله تعالى من الشيطان ليكفيه شر وسوسته وفتنته وإليه الإشارة بقوله تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=36وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم وسبب ذلك أنه لا سبيل إلى محاسنة الشيطان لتأصل عداوته وتأكدها ، وأنه لا يدفع كيده إلا الاستعاذة بالله تعالى منه .
(الرابعة) وفيه أنه ينبغي مع الإعراض عن ذلك والانتهاء عنه النطق بالإيمان والتصريح به فيقول آمنت بالله ورسله .
(الخامسة) قال nindex.php?page=showalam&ids=15140الإمام المازري رحمه الله ظاهر الحديث أنه صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يدفعوا الخواطر بالإعراض عنها والرد لها من غير استدلال ولا نظر في إبطالها . قال والذي يقال في هذا : إن الخواطر على قسمين فأما التي ليست بمستقرة ولا اجتلبتها شبهة طرأت فهي تدفع بالإعراض عنها ، وعلى هذا يحمل الحديث وعلى مثلها ينطلق اسم الوسوسة فكأنه لما كان أمرا طارئا بغير أصل دفع بغير نظر في دليل إذ لا أصل له ينظر فيه .
وأما الخواطر المستقرة التي أوجبتها الشبهة فإنها لا تدفع إلا باستدلال ونظر في إبطالها والله أعلم .
(السادسة) قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي وجه هذا الحديث ومعناه nindex.php?page=treesubj&link=24456ترك الفكر فيما يخطر بالقلب من وساوس الشيطان والامتناع من قبولها واللياذ بالله في الاستعاذة منه والكف عن مجاراته في حديث النفس ، ومطاولته في المحاجة والمناظرة والاشتغال بالجواب على ما يوجبه حق النظر في مثله لو كان المناظر عليه بشرا ، وكلمك في مثل ذلك فإن من ناظرك وأنت تشاهده وتسمع كلامه ويسمع كلامك لا يمكنه أن يغالطك فيما يجري بينكما من الكلام حتى يخرجك كلامه من حدود النظر ورسوم الجدل فإن بان السؤال وما يجري فيه من المعارضة والمناقضة معلوم والأمر فيه محدود محصور ، فإذا رعيت الطريقة وأصبت الحجة وألزمتها خصمك انقطع ، وكفيت مؤنته وحسمت شغبه .
وباب ما يوسوس به الشيطان إليك غير محدود ولا متناه ؛ لأنك كلما ألزمته حجة وأفسدت عليه مذهبا زاغ إلى أنواع أخر من الوسواس التي أعطي التسليط فيها عليك ، فهو لا يزال يوسوس إليك حتى يؤديك إلى الحيرة والهلاك والضلال فأرشد النبي صلى الله عليه وسلم عند ما يعرض من وساوسه في هذا الباب إلى الاستعاذة بالله من شره والانتهاء عن مراجعته [ ص: 165 ] وحسم الباب فيه بالإعراض عنه والاستعاذة بذكر الله والاشتغال بأمر سواه .
وهذه حيلة بليغة وجنة حصينة يخزى معها الشيطان ، ويبطل كيده ولو أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم محاجته وأذن في مراجعته والرد عليه فيما يوسوس به لكان الأمر على كل موحد سهلا في قمعه وإبطال قوله ، فإنه لو قدر أن يكون السائل عن مثل هذا واحدا من البشر لكان جوابه والنقض عليه متلقى من سؤاله ومأخوذا من فحوى كلامه .
وذلك أنه إذا قال : هذا الله خلق الخلق فمن الذي خلقه ، فقد نقض بأول كلامه آخره ، وأعطى أن لا شيء يتوهم دخوله تحت هذه الصفة من ملك وإنس وجان ونوع من أنواع الحيوان الذي يتأتى منه فعل ، لأن جميع ذلك واقع تحت اسم الخلق فلم يبق للمطالبة مع هذا محل ولا قرار ، وأيضا لو جاز على هذه المقالة أن يسأل فيقال : من خلق الله فيسمي شيئا من الأشياء يدعي له هذا الوصف للزم أن يقال ومن خلق ذلك الشيء ، ولامتد القول في ذلك إلى ما لا يتناهى ، والقول بما لا يتناهى فاسد فسقط السؤال من أجله ، ومما كان يقال لمن يسأل هذا السؤال إنما وجب إثبات الصانع الواحد لما اقتضاه أوصاف الخليقة من سمات الحدث الموجبة أن لها محدثا فقلنا إن لها خالقا ، ونحن لما نشاهد الخالق عيانا فنحيط بكنهه ، ولم يصح لنا أن نصفه بصفات الخلق فيلزمنا أن نقول إن له خالقا .
والشاهد لا يدل على مثله في الغائب إنما يدل على فعله والاستدلال إنما يكون بين المختلفات دون المشتبهات ، والمفعول لا يشبه فاعله في شيء من نعوته الخاصة فبطل مطلقا ما يقع في الوهم من اقتضاء خالق لمن خلق الخلق كله ، ولو أكثرنا في هذا لدخلنا في نوع ما نهينا عنه فيما رويناه من هذا الحديث ، فإذا ننتهي إلى ما أمرنا به من حسم هذا الباب في مناظرة الشيطان لجهله وقلة إنصافه وكثرة شغبه ، وقد تواصى العلماء والحكماء فيما دونوه ورسموه من حدود الجدل وآداب النظر بترك مناظرة من هذه صفته ، وأمروا بالإعراض عنه انتهى .
(السابعة) وفيه nindex.php?page=treesubj&link=31022الإخبار عن مغيب قد وقع كما أخبر به صلى الله عليه وسلم .