( قال ) واختلف أصحابنا وغيرهم في وذهبوا مذاهب لا أحفظ عنهم تفسيرها ولا أحفظ أيهم قال ما أحكي من القول دون من خالفه وسأحكي ما حضرني من معاني كل من قال في الفيء شيئا ، فمنهم من قال هذا المال لله تعالى دل على من يعطاه فإذا اجتهد الوالي ففرقه في جميع من سمي له على قدر ما يرى من استحقاقهم بالحاجة إليه ، وإن فضل بعضهم على بعض في العطاء فذلك تسوية إذا كان ما يعطى كل واحد منهم سد خلته ، ولا يجوز أن يعطي صنفا منهم ويحرم صنفا ومنهم من قال : إذا اجتمع المال نظر في مصلحة المسلمين فرأى أن يصرف المال إلى بعض الأصناف دون بعض فإن كان الصنف الذي يصرفه إليه لا يستغني عن شيء مما يصرفه إليه وكان أرفق بجماعة المسلمين صرفه وحرم غيره ويشبه قول الذي يقول هذا أنه إن طلب المال صنفان وكان إذا حرمه أحد الصنفين تماسك ولم يدخل عليه خلة مضرة ، وإن ساوى بينه وبين الصنف الآخر كانت على الصنف الآخر خلة مضرة أعطاه الذين فيهم الخلة المضرة كله . قسم الفيء
( قال ) ثم قال بعض من قال : إذا أعطاها إياه دون الناحية التي سدها فكأنه ذهب إلى أنه إنما عجل أهل الخلة وأخر غيرهم حتى أوفاهم بعد . صرف مال الفيء إلى ناحية فسدها وحرم الأخرى ثم جاءه مال آخر
( قال ) ولا أعلم أحدا منهم قال : يعطي من يعطى من الصدقات ولا مجاهدا من الفيء وقال بعض من أحفظ عنه : وإنأنفق عليهم من الفيء فإذا استغنوا عنه منعوا الفيء ، ومنهم من قال في مال الصدقات هذا القول يرد بعض مال أهل الصدقات . أصابت أهل الصدقات سنة فهلكت أموالهم
( قال ) رحمه الله : والذي أقول به وأحفظ عمن أرضى ممن سمعت أن لا يؤخر المال إذا اجتمع ولكن يقسم فإن كانت نازلة من عدو وجب على المسلمين القيام بها ، وإن غشيهم عدو في دارهم وجب النفير على جميع من غشيه أهل الفيء وغيرهم . الشافعي
( قال ) رحمه الله أخبرنا غير واحد من أهل العلم أنه لما قدم على الشافعي رضي الله عنه مال أصيب عمر بن الخطاب بالعراق فقال له صاحب بيت المال : ألا ندخله بيت المال ؟ قال : لا ورب الكعبة لا يؤوى تحت سقف بيت حتى أقسمه فأمر به فوضع في المسجد ووضعت عليه الأنطاع وحرسه رجال من المهاجرين والأنصار فلما أصبح غدا معه العباس بن عبد المطلب [ ص: 254 ] آخذا بيد أحدهما أو أحدهما آخذ بيده فلما رأوه كشفوا الأنطاع عن الأموال فرأى منظرا لم ير مثله الذهب فيه والياقوت والزبرجد واللؤلؤ يتلألأ فبكى فقال له أحدهما : إنه والله ما هو بيوم بكاء لكنه والله يوم شكر وسرور فقال : إني والله ما ذهبت حيث ذهبت ولكن والله ما كثر هذا في قوم قط إلا وقع بأسهم بينهم ثم أقبل على القبلة ورفع يديه إلى السماء وقال : اللهم إني أعوذ بك أن أكون مستدرجا فإني أسمعك تقول : { وعبد الرحمن بن عوف سنستدرجهم من حيث لا يعلمون } ثم قال أين سراقة بن جعشم ؟ فإني به أشعر الذراعين دقيقهما فأعطاه سواري وقال : البسهما ففعل فقال : قل الله أكبر ، فقال : الله أكبر ، قال : فقل : الحمد لله الذي سلبهما كسرى كسرى بن هرمز وألبسهما سراقة بن جعشم أعرابيا من بني مدلج وإنما ألبسه إياهما ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لسراقة ونظر إلى ذراعه كأن بك وقد لبست سواري ولم يجعل له إلا سواريه وجعل يقلب بعض ذلك بعضا ثم قال : إن الذي أدى هذا لأمين فقال قائل : أنا أخبرك أنك أمين الله وهم يؤدون إليك ما أديت إلى الله فإذا رتعت رتعوا قال : صدقت ثم فرقه . كسرى
( قال ) وأخبرنا الثقة من أهل الشافعي المدينة قال أنفق رضي الله عنه على أهل الرمادة في مقامهم حتى وقع مطر فترحلوا فخرج عمر رضي الله عنه راكبا إليهم فرسا ينظر إليهم كيف يترحلون فدمعت عيناه فقال رجل من محارب عمر حصفة أشهد أنها انحسرت عنك ولست بابن أمية فقال رضي الله عنه : ويلك ذاك لو كنت أنفق عليهم من مالي أو مال عمر الخطاب إنما أنفق عليهم من مال الله عز وجل .