( قال ) رحمه الله تعالى فكانت الشافعي المجوس يدينون غير دين أهل الأوثان ويخالفون أهل الكتاب من اليهود والنصارى في بعض دينهم وكان أهل الكتاب اليهود والنصارى يختلفون في بعض دينهم وكان المجوس بطرف من الأرض لا يعرف السلف من أهل الحجاز من دينهم ما يعرفون من دين النصارى واليهود حتى عرفوه وكانوا والله تعالى أعلم أهل كتاب يجمعهم اسم أنهم أهل كتاب مع اليهود والنصارى .
أخبرنا عن ابن عيينة أبي سعد سعيد بن المرزبان عن نصر بن عاصم قال : قال فروة بن نوفل الأشجعي علام تؤخذ المجوس وليسوا بأهل كتاب ؟ فقام إليه الجزية من المستورد فأخذ بلبه وقال : يا عدو الله تطعن على وعلى أمير المؤمنين يعني أبي بكر ، وقد أخذوا منهم الجزية فذهب به إلى القصر فخرج عليا عليهما فقال : ألبدا فجلسا في ظل القصر فقال : علي رضي الله تعالى عنه أنا أعلم الناس علي بالمجوس كان لهم علم يعلمونه وكتاب يدرسونه ، وإنما ملكهم سكر فوقع على ابنته ، أو أخته فاطلع عليه بعض أهل مملكته فلما صحا خاف أن يقيموا عليه الحد فامتنع منهم فدعا أهل مملكته فلما أتوه قال : تعلمون دينا خيرا من دين آدم ؟ وقد كان آدم ينكح بنيه بناته وأنا على دين آدم ما يرغب بكم عن دينه ؟ فتابعوه وقاتلوا الذين خالفوه حتى قتلوهم فأصبحوا ، وقد أسرى على كتابهم فرفع من بين أظهرهم وذهب العلم الذي في صدورهم فهم أهل كتاب ، وقد أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر منهم الجزية . وعمر
( قال ) رحمه الله تعالى وما روي عن الشافعي من هذا دليل على ما وصفت أن علي المجوس أهل كتاب ودليل أن كرم الله وجهه ما خبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ الجزية منهم إلا وهم عليا أهل كتاب ، ولا من بعده ، فلو كان يجوز أهل الكتاب لقال : أخذ الجزية من غير الجزية تؤخذ منهم كانوا أهل كتاب ، أو لم يكونوا أهله ، ولم أعلم ممن سلف من المسلمين أحدا أجاز أن تؤخذ الجزية من غير علي أهل الكتاب أخبرنا عن سفيان بن عيينة عمرو أنه سمع بجالة يقول : ولم يكن أخذ الجزية من عمر المجوس حتى شهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس أهل عبد الرحمن بن عوف هجر .
( قال ) رحمه الله تعالى وحديث الشافعي بجالة متصل ثابت ; لأنه أدرك وكان رجلا في زمانه كاتبا لعماله وحديث عمر نصر بن عاصم عن عن النبي صلى الله عليه وسلم متصل وبه يأخذ ، وقد روي من حديث علي الحجاز حديثان منقطعان بأخذ الجزية من المجوس أخبرنا عن مالك جعفر بن محمد عن أبيه أن ذكر له عمر بن الخطاب المجوس فقال : ما أدري كيف أصنع في أمرهم فقال : له أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { عبد الرحمن بن عوف أهل الكتاب } . سنوا بهم سنة
( قال ) رحمه الله تعالى إن كان ثابتا فنفتي في أخذ الجزية ; لأنهم أهل كتاب لا أنه يقال إذا قال { الشافعي أهل الكتاب } والله تعالى أعلم في أن تنكح نساؤهم وتؤكل ذبائحهم قال : ولو أراد جميع المشركين غير سنوا بهم سنة أهل الكتاب لقال والله تعالى أعلم سنوا بجميع المشركين سنة أهل الكتاب ، ولكن لما قال : سنوا بهم ، فقد خصهم ، وإذا خصهم فغيرهم مخالف ، ولا يخالفهم إلا غير أهل الكتاب أخبرنا عن مالك ابن شهاب أنه بلغه { مجوس البحرين } وأن [ ص: 184 ] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من رضي الله تعالى عنه أخذها من عثمان بن عفان البربر .
( قال ) رحمه الله ولا يجوز أن يسأل الشافعي عن عمر المجوس ويقول ما أدري كيف أصنع بهم ، وهو يجوز عنده أن تؤخذ الجزية من جميع المشركين لا يسأل عما يعلم أنه جائز له ، ولكنه سأل عن المجوس إذ لم يعرف من كتابهم ما عرف من كتاب اليهود والنصارى حتى أخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم بأخذه الجزية وأمره بأخذ الجزية منهم فيتبعه ، وفي كل ما حكيت ما يدل على أنه لا يسعه أخذ الجزية من غير أهل الكتاب .