3909 - وقد روي عن رضي الله عنها أيضا في ذلك ما حدثنا عائشة ، قال : ثنا ابن مرزوق ، قال : ثنا بشر بن عمر ، عن مالك ، عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل ، عن عروة بن الزبير قالت : عائشة خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع ، فمنا من أهل بعمرة ، ومنا من أهل بحج وعمرة ، ومنا من أهل بالحج ، وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج .
فأما من أهل بعمرة فحل ، وأما من أهل بالحج ، أو جمع الحج والعمرة ، فلم يحلوا حتى كان يوم النحر .
فقد يجوز أن يكون ذلك عندها كما كان عند رضي الله عنهما على ما قد ذكرنا . ابن عمر
فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار .
وأما وجه ذلك من طريق النظر ، فإنا قد وجدنا الأصل أن من أحرم بعمرة وطاف لها وسعى ، أنه قد فرغ منها ، وله أن يحلق ويحل ، هذا إذا لم يكن ساق هديا .
ورأيناه إذا كان قد ساق هديا لمتعة فطاف لعمرته وسعى ، لم يحل من عمرته ، حتى يوم النحر ، فيحل منها ومن حجته إحلالا واحدا ، وبذلك جاءت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جوابا رضي الله عنها لما قالت له : ما بال الناس حلوا ، ولم تحل أنت من عمرتك ؟ قال : إني لبدت رأسي ، وقلدت هديي ، فلا أحل حتى أنحر . لحفصة
فكان الهدي الذي ساقه لمتعته التي لا يكون عليه فيها هدي إلا بأن يحج بعدها ، يمنعه من أن يحل بالطواف حتى يوم النحر ؛ لأن عقد إحرامه هكذا كان أن يدخل في عمرة فيتمها ، فلا يحل منها حتى يحرم بحجة ، ثم يحل منها ومن العمرة التي قدمها قبلها معا .
وكانت العمرة لو أمرهم بها منفردة ، حل منها بفراغه منها إذا حلق ، ولم ينتظر به يوم النحر .
[ ص: 197 ] وكان إذا ساق الهدي لحجة ، يحرم بها بعد فراغه من تلك العمرة بقي على إحرامه إلى يوم النحر .
فلما كان الهدي الذي هو من سبب الحج ، يمنعه الإحلال بالطواف بالبيت قبل يوم النحر ، كان دخوله في الحج أحرى أن يمنعه من ذلك إلى يوم النحر .
فهذا هو النظر أيضا عندنا ، وهو قول ، أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، رحمهم الله تعالى . ومحمد