[ ص: 158 ] 3732 - وقد روى في ذلك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ما قد حدثنا عبد الله بن عباس محمد بن خزيمة ، قال : ثنا ، قال : ثنا المعلى بن أسد ، عن وهيب ، عن عبد الله بن طاوس قال : ابن عباس
قال : وكانوا يسمون المحرم صفرا ، ويقولون : إذا برأ الدبر ، وعفا الأثر ، وانسلخ صفر ، حلت العمرة لمن اعتمر ، فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه صبيحة رابعه ، وهم ملبون بالحج ، فأمرهم أن يجعلوها عمرة ، قالوا : يا رسول الله ، أي حل نحل ؟ قال : الحل كله كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور . .
فهذا رضي الله عنهما قد أخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما فسخ الحج إلى العمرة ، ليعلم الناس خلاف ما كانوا يكرهون في الجاهلية ، وليعلموا أن العمرة في أشهر الحج مباحة ، كهي في غير أشهر الحج . ابن عباس
فإن قال قائل : فقد ثبت بهذا عن رضي الله عنهما ، أن إحرام رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كان بحجة مفردة ، فقد خالف هذا ما رويتم عنه من تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرانه . ابن عباس
قيل له : ما في هذا خلاف لذلك ؛ لأنه قد يجوز أن يكون إحرامه أولا ، كان بحجة حتى قدم مكة ففسخ ذلك بعمرة ، ثم أقام عليها على أنها عمرة ، وقد عزم أن يحرم بعدها بحجة ، فكان في ذلك متمتعا ، ثم لم يطف للعمرة حتى أحرم بالحجة ، فصار بذلك قارنا .
فهذه وجوه أحاديث رضي الله عنهما قد صحت والتأمت ، على أن القران كان قبله التمتع والإفراد فلم تتضاد ، إلا أن في قوله : لولا أني سقت الهدي لحللت كما حل أصحابي دليلا على أن سياقه الهدي قد كانت [ ص: 159 ] في وقت قد أحرم فيه بعمرة ، يريد بها التمتع إلى الحجة ؛ لأنه لو لم يكن فعل ذلك ، لكان هديه ذلك تطوعا ، والتطوع من الهدي غير مانع من الإحلال الذي يكون لو لم يكن الهدي ، فدل ذلك على أن إحرام رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أولا بعمرة ، ثم أتبعها حجة على السبيل الذي ذكرنا فيما تقدم من هذا الباب . ابن عباس
ولما ثبت بما وصفنا إباحة العمرة في أشهر الحج أردنا أن ننظر ، هل الهدي الواجب في القران كان لنقصان دخل العمرة أو الحجة إذا قرنتا أم لا ؟
فرأينا ذلك الهدي يؤكل منه ، وكذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله .