393 266 - (391) - (1 \ 55 - 56) عن أن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أخبره: ابن عباس رجع إلى رحله، قال عبد الرحمن بن عوف وكنت أقرئ ابن عباس: فوجدني، وأنا أنتظره، وذلك عبد الرحمن بن عوف، بمنى في آخر حجة حجها قال عمر بن الخطاب، إن رجلا أتى عبد الرحمن بن عوف: فقال: إن فلانا يقول: لو قد مات عمر بن الخطاب، بايعت فلانا، فقال عمر إني قائم العشية في الناس فمحذرهم هؤلاء الرهط الذين يريدون أن يغصبوهم أمرهم، قال عمر: عبد الرحمن: فقلت: يا أمير المؤمنين، لا تفعل، فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم، وإنهم الذين يغلبون على مجلسك إذا قمت في الناس، فأخشى أن تقول مقالة يطير بها أولئك فلا يعوها، ولا يضعوها على مواضعها، ولكن حتى تقدم المدينة، فإنها دار الهجرة والسنة، وتخلص بعلماء الناس وأشرافهم، فتقول ما قلت متمكنا، فيعون مقالتك، ويضعونها مواضعها، فقال لئن قدمت عمر: المدينة صالحا لأكلمن بها الناس في أول مقام أقومه.
فلما قدمنا المدينة في عقب ذي الحجة، وكان يوم الجمعة، عجلت الرواح
[ ص: 219 ] صكة الأعمى - فقلت وما صكة الأعمى؟ قال: إنه لا يبالي أي ساعة خرج، لا يعرف الحر والبرد ونحو هذا - فوجدت لمالك: عند ركن المنبر الأيمن قد سبقني، فجلست حذاءه تحك ركبتي ركبته، فلم أنشب أن طلع سعيد بن زيد فلما رأيته قلت: ليقولن العشية على هذا المنبر مقالة ما قالها عليه أحد قبله، قال: فأنكر عمر، ذلك، فقال: ما عسيت أن يقول ما لم يقل أحد؟ سعيد بن زيد
فجلس على المنبر، فلما سكت المؤذن، قام فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: أما بعد، أيها الناس، فإني قائل مقالة قد قدر لي أن أقولها، لا أدري لعلها بين يدي أجلي، فمن وعاها وعقلها فليحدث بها حيث انتهت به راحلته، ومن لم يعها فلا أحل له أن يكذب علي: إن الله تبارك وتعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، وكان مما أنزل عليه آية الرجم، فقرأناها ووعيناها، عمر فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: لا نجد آية الرجم في كتاب الله عز وجل، فيضلوا بترك فريضة قد أنزلها الله عز وجل، فالرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو الحبل أو الاعتراف، ألا وإنا قد كنا نقرأ: لا ترغبوا عن آبائكم، فإن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم. ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده،
ألا وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تطروني كما أطري عيسى ابن مريم عليه السلام، فإنما أنا عبد الله، فقولوا عبد الله ورسوله ".
وقد بلغني أن قائلا منكم يقول: لو قد مات بايعت فلانا، فلا يغترن امرؤ أن يقول: إن بيعة عمر، رضي الله عنه كانت فلتة، ألا وإنها كانت كذلك، إلا أن الله عز وجل وقى شرها، وليس فيكم اليوم من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر ألا وإنه كان من خبرنا حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن أبي بكر، عليا ومن كان معهما، تخلفوا في بيت والزبير، فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتخلفت عنا الأنصار بأجمعها في سقيفة بني ساعدة، واجتمع
[ ص: 220 ] المهاجرون إلى فقلت له: يا أبي بكر، انطلق بنا إلى إخواننا من أبا بكر، الأنصار، فانطلقنا نؤمهم حتى لقينا رجلان صالحان، فذكرا لنا الذي صنع القوم، فقالا: أين تريدون يا معشر المهاجرين؟ فقلت: نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار، فقالا: لا عليكم أن لا تقربوهم، واقضوا أمركم يا معشر المهاجرين، فقلت: والله لنأتينهم.
فانطلقنا حتى جئناهم في سقيفة بني ساعدة، فإذا هم مجتمعون، وإذا بين ظهرانيهم رجل مزمل، فقلت: من هذا؟ فقالوا: فقلت: ما له؟ قالوا: وجع، فلما جلسنا قام خطيبهم فأثنى على الله عز وجل بما هو أهله، وقال: أما بعد، فنحن أنصار الله عز وجل، وكتيبة الإسلام، وأنتم يا معشر سعد بن عبادة، المهاجرين رهط منا، وقد دفت دافة منكم يريدون أن يخزلونا من أصلنا، ويحضنونا من الأمر، فلما سكت أردت أن أتكلم، وكنت قد زورت مقالة أعجبتني، أردت أن أقولها بين يدي وقد كنت أداري منه بعض الحد، وهو كان أحلم مني وأوقر، فقال أبي بكر، على رسلك. فكرهت أن أغضبه، وكان أعلم مني وأوقر، والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قالها في بديهته وأفضل، حتى سكت، فقال: أما بعد، فما ذكرتم من خير فأنتم أهله، ولم تعرف أبو بكر: العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش، هم أوسط العرب نسبا ودارا، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين أيهما شئتم. وأخذ بيدي وبيد فلم أكره مما قال غيرها، وكان والله أن أقدم فتضرب عنقي، لا يقربني ذلك إلى إثم، أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبي عبيدة بن الجراح، إلا أن تغير نفسي عند الموت، فقال قائل من أبو بكر، الأنصار: أنا جذيلها المحكك، وعذيقها المرجب، منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش - فقلت ما معنى " أنا جذيلها المحكك، وعذيقها المرجب "؟ قال: كأنه يقول: أنا داهيتها - . لمالك:
[ ص: 221 ] قال: وكثر اللغط، وارتفعت الأصوات، حتى خشيت الاختلاف، فقلت: ابسط يدك يا فبسط يده فبايعته، وبايعه أبا بكر، المهاجرون، ثم بايعه الأنصار، ونزونا على فقال قائل منهم: قتلتم سعد بن عبادة، سعدا، فقلت: قتل الله سعدا.
وقال رضي الله عنه: أما والله ما وجدنا فيما حضرنا أمرا هو أقوى من مبايعة عمر رضي الله عنه، خشينا إن فارقنا القوم، ولم تكن بيعة، أن يحدثوا بعدنا بيعة، فإما أن نتابعهم على ما لا نرضى، وإما أن نخالفهم فيكون فيه فساد، فمن بايع أميرا عن غير مشورة المسلمين فلا بيعة له، ولا بيعة للذي بايعه، تغرة أن يقتلا. أبي بكر أن
قال وأخبرني مالك: عن ابن شهاب، أن الرجلين اللذين لقياهما : عويم بن ساعدة، عروة بن الزبير: ومعن بن عدي.
قال وأخبرني ابن شهاب: أن الذي قال: أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب: سعيد بن المسيب: الحباب بن المنذر .