23796 10394 - (24317) - (6\59 - 61) عن قالت: عائشة
وايم الله ما علمت على أهلي سوءا قط، وأبنوهم بمن، والله ما علمت عليه من سوء قط، ولا دخل بيتي قط، إلا وأنا حاضر، ولا غبت في سفر إلا غاب معي؟ " فقام أشيروا علي في ناس أبنوا أهلي، فقال: نرى يا رسول الله، أن تضرب [ ص: 204 ] أعناقهم، فقام رجل من بلخزرج، وكانت سعد بن معاذ أم حسان بن ثابت من رهط ذلك الرجل، فقال: كذبت، أما والله لو كانوا من الأوس ما أحببت أن تضرب أعناقهم، حتى كادوا أن يكون بين الأوس والخزرج في المسجد شر، وما علمت به، فلما كان مساء ذلك اليوم، خرجت لبعض حاجتي، ومعي أم مسطح، فعثرت، فقالت: تعس فقلت: علام تسبين ابنك؟ فسكتت، ثم عثرت الثانية، فقالت: تعس مسطح، فقلت: علام تسبين ابنك؟ ثم عثرت الثالثة، فقالت: تعس مسطح، فانتهرتها، فقلت: علام تسبين ابنك؟ فقالت: والله ما أسبه إلا فيك، فقلت: في أي شأني؟ فذكرت لي الحديث. فقلت: وقد كان هذا؟ قالت: نعم والله، فرجعت إلى بيتي، لكأن الذي خرجت له لم أخرج له، لا أجد منه قليلا، ولا كثيرا، ووعكت، فقلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أرسلني إلى بيت أبي، فأرسل معي الغلام، فدخلت الدار، فإذا أنا مسطح، بأم رومان فقالت: ما جاء بك يا بنية؟ فأخبرتها، فقالت: خفضي عليك الشأن، فإنه والله لقلما كانت امرأة جميلة تكون عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا حسدنها وقلن: فيها قلت، وقد علم به أبي؟ قالت: نعم، قلت: ورسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: ورسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستعبرت، فبكيت، فسمع صوتي وهو فوق البيت يقرأ، فنزل، فقال لأمي: ما شأنها؟ قالت: بلغها الذي ذكر من أمرها، ففاضت عيناه، فقال: أقسمت عليك يا بنية ، إلا رجعت إلى بيتك، فرجعت، وأصبح أبواي عندي، فلم يزالا عندي، حتى دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد العصر، وقد اكتنفني أبواي عن يميني، وعن شمالي، فتشهد النبي صلى الله عليه وسلم، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: " أما بعد يا أبو بكر إن كنت قارفت سوء أو ظلمت، توبي إلى الله عز وجل، فإن الله عز وجل يقبل التوبة عن عباده " وقد جاءت امرأة من الأنصار فهي جالسة بالباب، فقلت: ألا تستحي من هذه المرأة أن تقول شيئا؟ فقلت لأبي: أجبه، فقال: أقول ماذا؟ فقلت لأمي: أجيبيه، فقالت: أقول ماذا؟ فلما لم يجيباه تشهدت، فحمدت الله عز وجل، وأثنيت عليه بما هو أهله، ثم قلت: عائشة،
[ ص: 205 ]
أما بعد، فوالله لئن قلت لكم إني لم أفعل، والله جل جلاله يشهد إني لصادقة، ما ذاك بنافعي عندكم، لقد تكلمتم به، وأشربته قلوبكم، ولئن قلت لكم: إني قد فعلت، والله عز وجل يعلم أني لم أفعل، لتقولن: قد باءت به على نفسها، فإني والله ما أجد لي ولكم مثلا، إلا أبا يوسف، وما أحفظ اسمه {صبر جميل والله المستعان على ما تصفون} ، فأنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعتئذ فرفع عنه، وإني لأستبين السرور في وجهه، وهو يمسح جبينه، وهو يقول: " أبشري يا عائشة، فقد أنزل الله عز وجل براءتك "، فكنت أشد ما كنت غضبا، فقال لي أبواي: قومي إليه، قلت: والله لا أقوم إليه، ولا أحمده، ولا أحمدكما، لقد سمعتموه فما أنكرتموه، ولا غيرتموه، ولكن أحمد الله الذي أنزل براءتي، ولقد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتي، فسأل الجارية عني، فقالت: لا والله، ما أعلم عليها عيبا ، إلا أنها كانت تنام حتى تدخل الشاة، فتأكل خميرتها، أو عجينتها، شك هشام، فانتهرها بعض أصحابه، وقال: اصدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى أسقطوا لها به، قال عروة: فعيب ذلك على من قاله، فقالت: لا والله، ما أعلم عليها إلا ما يعلم الصائغ على تبر الذهب الأحمر. وبلغ ذلك الرجل الذي قيل له، فقال: سبحان الله، والله ما كشفت كنف أنثى قط، فقتل شهيدا في سبيل الله. قالت عائشة: فأما زينب بنت جحش فعصمها الله عز وجل بدينها، فلم تقل إلا خيرا، وأما أختها حمنة فهلكت فيمن هلك، وكان الذين تكلموا فيه: المنافق عبد الله بن أبي، كان يستوشيه ويجمعه، وهو الذي تولى كبره منهم، ومسطح، فحلف وحسان بن ثابت أن لا أبو بكر، ينفع مسطحا بنافعة أبدا، فأنزل الله عز وجل: ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة يعني: أبا بكر أن يؤتوا أولي القربى والمساكين يعني: مسطحا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم [النور: 22] فقال بلى " والله إنا لنحب أن تغفر لنا "، وعاد أبو بكر: أبو بكر لمسطح بما كان يصنع به. لما ذكر من شأني الذي ذكر، وما علمت به، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطيبا، وما علمت به، فتشهد، فحمد الله عز وجل وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: " أما بعد:
* * *
[ ص: 206 ]