7420 [ ص: 238 ] ص: وقد قال قوم في بنت وعصبة: إن للابنة جميع المال، ولا شيء للعصبة، فكفى بهم جهلا في تركهم قول كل الفقهاء إلى قول لم نعلم أن أحدا قال به قبلهم من أصحاب رسول الله -عليه السلام- ولا من تابعيهم، مع أن ما ذهبوا إليه من ذلك يدفعه نص القرآن؛ لأن الله -عز وجل- قال: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فبين الله -عز وجل- لنا بذلك كيف حكم الأولاد في المواريث إذا كانوا ذكورا وإناثا.
ثم قال -عز وجل-: فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك فبين لنا تبارك وتعالى حكم الأولاد إذا كانوا نساء.
ثم قال -عز وجل-: وإن كانت واحدة فلها النصف فبين لنا ميراث الابنة الواحدة.
فلما بين لنا مواريث الأولاد على هذه الجهات؛ علمنا بذلك أن حكم ميراث الواحدة لا يخرج عن هذه الجهات الثلاث، واستحال أن يسمي الله -عز وجل- للابنة النصف وللبنات الثلثين ولهن أكثر من ذلك إلا لمعنى آخر بينه في كتابه أو على لسان رسوله -عليه السلام-، كما أبان في مواريث ذوي الأرحام. ولو كانت الابنة ترث المال كله دون العصبة لما كان لذكر الله -عز وجل- النصف معنى، ولأهمل أمرها كما أهمل أمر الابن، فلما بين لها ما ذكرنا كان توقيفا منه -عز وجل- إيانا على أن ما سمى لها من ذلك هو سهمها كما كان ما سمى للأخوات من قبل الأم بقوله تعالى: وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث
فكان ما بقي بعد ما سمى لهن للعصبة وكذلك ما سمي للزوج والمرأة فما بقي [ ص: 239 ] بعد الذي سمى لهما للعصبة فكذلك البنت ما بقي بعد الذي سمى لها للعصبة.
هذا دليل قائم صحيح في هذه الآية، ثم رجعنا إلى قوله تعالى: إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلم يبين لنا هاهنا من ذلك الولد؟ فدلنا ما تقدم من قوله في الآية التي ذكرنا التي وقفنا فيها على أنصباء الأولاد؛ أن ذلك الولد هو بخلاف الولد الذي سمي له الفرض في الآية الأخرى.
ثم قد روي عن رسول الله -عليه السلام- فيما ذكرنا أيضا ما حدثنا ، يونس بن عبد الأعلى ، قالا: ثنا وبحر بن نصر ، قال: أخبرني عبد الله بن وهب داود بن قيس ، عن ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، جابر بن عبد الله: " سعد بن الربيع ، أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، إن سعدا قتل معك وترك ابنتيه وأخاه فأخذ أخوه ماله، وإنما تتزوج النساء لما لهن، فدعاه رسول الله -عليه السلام- فقال: أعط امرأته الثمن، وابنتيه الثلثين، ولك ما بقي". أن امرأة
7422 حدثنا ، قال: ثنا يونس ، قال: ثنا علي بن معبد ، عن عبيد الله بن عمرو ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن النبي -عليه السلام- مثله. جابر
فقد وافق هذا أيضا ما ذكرنا، وبهذا كان أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد -رحمهم الله- يقولون به، وبه يقول أيضا أكثر الفقهاء.