6432 ص: وقد وجدنا من الآثار ما يدل على ما ذكرنا أيضا مما تأولنا عليه أحاديث - رضي الله عنه -. أنس
حدثنا فهد ، قال: ثنا ، قال: ثنا أبو نعيم ، عن مسعر بن كدام أبي عون الثقفي ، عن ، عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال: " ابن عباس حرمت الخمر بعينها، والسكر من كل شراب".
فأخبر - رضي الله عنه - أن الحرمة وقعت على الخمر بعينها، وعلى السكر من سائر الأشربة سواها، فثبت بذلك أن ما سوى الخمر التي حرمت مما يسكر كثيره قد أبيح شرب قليله الذي لا يسكر على ما كان عليه من الإباحة المتقدمة لتحريم الخمر، وأن التحريم الحادث إنما هو في عين الخمر خاصة، والسكر مما سواها من الأشربة؛ فاحتمل أن تكون ابن عباس: هي عصير العنب خاصة، واحتمل أن يكون كل ما خمر من عصير العنب وغيره، فلما احتمل ذلك وكانت الأشياء قد تقدم تخليلها جملة ثم حدث التحريم في بعضها، لم يخرج شيئا مما قد أجمع على تخليله إلا بالإجماع يأتي على تحريمه، ونحن نشهد على الله -عز وجل- أنه قد حرم عصير [ ص: 59 ] العنب إذا حدثت فيه صفات الخمر، ولا نشهد عليه أنه حرم ما سوى ذلك إذا حدث فيه مثل هذه الصفة، فالذي نشهد على الله -عز وجل- بتحريمه إياه هي الخمر التي آمنا بتأويلها من حيث قد آمنا بتنزيلها، والذي لا نشهد على الله أنه حرمه هو الشراب الذي ليس بخمر، فما كان من الخمر فقليله وكثيره حرام؛ وما كان سوى ذلك من الأشربة فالسكر منه حرام، وما سوى ذلك منه مباح، هذا هو النظر عندنا. الخمر المحرمة