4979 ص: وقد يجوز أن يكون أحدها قد نسخ الآخر، فلما احتمل ذلك رجعنا إلى النظر، فوجدنا السنة قد قامت عن رسول الله -عليه السلام- في المقر بالزنا أنه رده أربع مرات، وأنه لم يرجمه بإقراره مرة واحدة، وأخرج ذلك من التي يقبل فيها إقراره مرة واحدة، ورد حكم الإقرار بذلك إلى حكم الشهادة عليه، فلما كانت الشهادة عليه غير مقبولة إلا من أربعة، فكذلك جعل الإقرار به لا يوجب الحد إلا بإقراره أربع مرات، فثبت بذلك أن حكم الإقرار بالسرقة أيضا كذلك يرد إلى حكم الشهادة عليها، فكما كانت الشهادة عليها لا تجوز إلا من اثنين، فكذلك الإقرار لا يقبل إلا مرتين، وقد رأيناهم جميعا لما رووا عن رسول الله -عليه السلام- في المقر بالزنا لما هرب، فقال النبي -عليه السلام-: "لولا خليتم سبيله" فكان ذلك عندهم على أن رجوعه مقبول، واستعملوا ذلك في سائر حدود الله -عز وجل-، فجعلوا من أقر بها ثم رجع قبل رجوعه، ولم يخصوا الزنا بذلك دون سائر حدود الله -عز وجل-، فكذلك لما جعل الإقرار في الزنا لا يقبل إلا بعدد ما يقبل عليه من البينة؛ ثبت أنه لا يقبل الإقرار بسائر حدود الله -عز وجل- إلا بعدد ما يقبل عليها من البينة. حكم الإقرار بحقوق الآدميين