4578 ص: فمنع رسول الله -عليه السلام- الفريعة عن الانتقال من منزلها في عدتها، وجعل ذلك من إحدادها، وقد ذكرنا في حديث أن النبي -عليه السلام- قال لها: "تسلبي ثلاثا ثم اصنعي ما شئت" حين توفي زوجها وهو أسماء جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه-؛ ففي ذلك أنه ليس عليها أن تحد أكثر من ثلاث. وكل قد أجمع أن ذلك منسوخ؛ لتركهم ذلك واستعمالهم حديث زينب بنت جحش وعائشة وأم سلمة . وما ذكرنا مع ذلك مما يوجب الإحداد في العدة كلها، وكل ما ذكرنا في الإحداد. وأم حبيبة،
وإنما قصد بذكره المتوفى عنها زوجها فاحتمل أن يكون ذلك للعدة التي تجب بعقد النكاح، فتكون كذلك المطلقة، عليها في ذلك من الإحداد في عدتها مثل ما على المتوفى عنها زوجها.
واحتمل أن يكون ذلك خصت به العدة من الوفاة خاصة.
[ ص: 183 ] فنظرنا في ذلك إذ كانوا قد تنازعوا في ذلك واختلفوا، فقال قائلون: لا يجب على المطلقة في عدتها إحداد. وقال آخرون: بل الإحداد عليها في عدتها كما هو على المتوفى عنها زوجها.
فرأينا المطلقة في عدتها منهية عن الانتقال من منزلها في عدتها كما نهيت المتوفى عنها زوجها، وذلك حق عليها ليس لها ترك ذلك كما ليس لها ترك العدة.
فلما ساوت المتوفى عنها زوجها في وجوب بعض الإحداد عليها ساوتها في وجوب كليته عليها.
فثبت بما ذكرنا وجوب الإحداد على المطلقة في عدتها.