الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                4199 4200 4201 4202 4203 ص: حدثنا يونس ، قال: أنا ابن وهب ، أن مالكا وابن أبي ذئب حدثاه، عن نافع ، عن نبيه بن وهب أخي بني عبد الدار ، عن أبان بن عثمان ، قال: سمعت أبي عثمان بن عفان ، يقول: قال رسول الله -عليه السلام-: "لا ينكح المحرم ولا ينكح، ولا يخطب".

                                                حدثنا يزيد بن سنان ، قال: نا بشر بن عمر ، قال: ثنا مالك ، عن نافع ... ، فذكر بإسناده مثله، غير أنه لم يقل: "ولا يخطب".

                                                حدثنا يزيد ، قال: ثنا أبو عامر العقدي ، قال: ثنا فليح بن سليمان ، عن عبد الجبار بن نبيه بن وهب ، عن أبيه ، عن أبان بن عثمان ، عن عثمان، أن رسول الله -عليه السلام- قال: " لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب".

                                                حدثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا يوسف القطان ، قال: ثنا سلمة بن الفضل ، عن إسحاق بن راشد ، عن زيد بن علي ، عن أبان بن عثمان ، عن عثمان ، عن رسول الله -عليه السلام- مثله؛ غير أنه لم يقل: "ولا يخطب".

                                                حدثنا أحمد بن داود ، قال: ثنا أبو معمر ، قال: ثنا عبد الوارث ، قال: ثنا أيوب بن موسى المكي ، قال: ثنا نبيه ، عن أبان بن عثمان -رضي الله عنه-، قال: حدثني عثمان ، عن رسول الله -عليه السلام- قال: "المحرم لا ينكح ولا ينكح".

                                                التالي السابق


                                                ش: هذه خمس طرق:

                                                الأول: رجاله كلهم رجال الصحيح، وابن أبي ذئب هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب المدني ونبيه -بضم النون وفتح الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره هاء- ابن وهب بن عثمان بن أبي طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي العبدري الحجي .

                                                [ ص: 309 ] وأخرجه مسلم: نا يحيى بن يحيى، قال: قرأت على مالك ، عن نافع ، عن نبيه بن وهب: "أن عمر بن عبيد الله أراد أن يزوج طلحة بن عمر بنت شبيبة بن جبير، فأرسل إلى أبان بن عثمان يحضر ذلك -وهو أمير الحاج- فقال أبان: سمعت عثمان بن عفان -رضي الله عنه- يقول: قال رسول الله -عليه السلام-: "لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب".

                                                الثاني: عن يزيد بن سنان ، عن بشر بن عمر الزهراني ، عن مالك ... إلى آخره، وهذا أيضا صحيح.

                                                وأخرجه أبو داود: ثنا القعنبي ، عن مالك ، عن نافع ، عن نبيه بن وهب أخي بني عبد الدار: "أن عمر بن عبيد الله أرسل إلى أبان بن عثمان -وأبان يومئذ أمير الحاج- وهما محرمان. إني أردت أن أنكح طلحة بن عمير بنت شيبة بن جبير، وإني أردت أن تحضر ذلك، فأنكر ذلك عليه أبان، وقال: سمعت أبي عثمان بن عفان يقول: قال رسول الله -عليه السلام-: "لا ينكح المحرم ولا ينكح".

                                                الثالث: عن يزيد بن سنان أيضا، عن أبي عامر عبد الملك بن عمرو العقدي ، عن فليح بن سليمان بن أبي المغيرة المدني ، عن عبد الجبار بن نبيه ، عن أبيه نبيه ، عن أبان بن عثمان ، عن عثمان .

                                                وهذا أيضا إسناد صحيح.

                                                وأخرجه أحمد: عن إسحاق ، عن فليح ، عن عبد الأعلى وعبد الجبار ابني نبيه بن وهب ، عن أبيهما، عن أبان ، عن عثمان -رضي الله عنه- عن النبي -عليه السلام- مثل ذلك .

                                                الرابع: عن محمد بن جعفر بن حفص الإمامي شيخ النسائي والطبراني أيضا، عن يوسف بن موسى القطان الكوفي المعروف بالرازي شيخ الجماعة غير مسلم

                                                [ ص: 310 ] والترمذي ، عن سلمة بن الفضل أبي عبد الله الأبرش الأزرق الرازي قاضي الري، قال ابن معين: ليس به بأس يتشيع. وقال البخاري: عنده مناكير، وهنه علي، قال: ما خرجنا من الري حتى رمينا بحديثه. وقال أبو حاتم: محله الصدق يكتب حديثه، ولا يحتج به. وقال ابن سعد: كان ثقة صدوقا، وهو صاحب مغازي محمد بن إسحاق، روى له أبو داود والترمذي .

                                                عن إسحاق بن راشد الجزري الحراني روى له الجماعة إلا مسلما ، عن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنهم- ذكره ابن حبان في الثقات وقال رأي جماعة من الصحابة روى له الأربعة، والنسائي في مسند علي .

                                                الخامس: عن أحمد بن داود المكي ، عن أبي معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج المنقري المقعد شيخ البخاري ومسلم ، عن عبد الوارث بن سعيد ، عن أيوب بن موسى بن عمرو بن سعيد الأموي المكي روى له الجماعة، عن نبيه بن وهب ... إلى آخره.

                                                وأخرجه أحمد في "مسنده": نا عفان، قال: نا عبد الوارث، نا أيوب بن موسى ، عن نبيه بن وهب: "أن عمر بن عبيد الله أراد أن يزوج ابنه وهو محرم فنهاه أبان وزعم أن عثمان حدث عن رسول الله -عليه السلام- قال: المحرم لا ينكح ولا ينكح".

                                                وأخرجه الترمذي أيضا: عن أحمد بن منيع ، عن إسماعيل بن علية ، عن أيوب ، عن نافع ، عن نبيه قال: "أراد ابن معمر أن ينكح ابنه، فبعثني إلى أبان بن عثمان -وهو أمير الموسم- فأتيته فقلت: إن أخاك يريد أن ينكح ابنه فأحب أن يشهدك ذلك، قال: لا أراه إلا أعرابيا جافيا؛ إن المحرم لا ينكح ولا ينكح -أو كما قال- ثم حدث عن عثمان مثله" يرفعه.

                                                [ ص: 311 ] وأخرجه النسائي أيضا: عن أبي الأشعث ، عن يزيد بن زريع ، عن سعيد بن مطر ويعلى بن حكيم ، عن نبيه بن وهب ، عن أبان بن عثمان، أن عثمان بن عفان حدث عن النبي -عليه السلام- أنه قال: "لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب".

                                                قوله: "لا ينكح المحرم" بفتح الياء وكسر الكاف؛ لأنه من باب ضرب يضرب، وذكره في "الدستور" في باب فعل يفعل بالفتح في الماضي والكسر في المستقبل، يقال: نكح وتزوج نكحا ونكاحا.

                                                فإن قيل: فيه حرف الحلق فينبغي أن تفتح العين في المستقبل.

                                                قلت: لا يلزم أن تكون كل كلمة فيها حرف حلق أن تكون من باب فعل يفعل بالفتح فيهما بل اللازم أن فعل يفعل بالفتح فيهما أن تكون فيها حرف من حروف الحلق.

                                                قال الجوهري: النكاح الوطء وقد يكون العقد، تقول: نكحتها، ونكحت هي أي تزوجت.

                                                قلت: المراد ها هنا العقد؛ لأن المحرم ممنوع من الوطء إجماعا.

                                                قوله: "ولا ينكح" بضم الياء وكسر الحاء، من الإنكاح، ومعناه: لا ينكح غيره، أي لا يعقد على غيره، ووجهه أنه لما كان ممنوعا من نكاح نفسه مدة الإحرام كان معزولا تلك المدة أن يعقد لغيره، وشابه المرأة التي لا تعقد على نفسها ولا على غيرها.

                                                قوله: "ولا يخطب" من خطب يخطب -من باب نصر ينصر- خطبة بالكسر فهو خاطب، والاسم منه الخطبة أيضا فأما الخطبة بالضم فهو من القول والكلام، وإنما نهي عن الخطبة أيضا لما فيها من التعرض إلى النكاح.




                                                الخدمات العلمية