2120 2121 2122 2123 2124 2125 2126 2127 2128 2129 ص: فأما النظر في ذلك فعلى غير هذا المعنى; وذلك أنا رأينا السجود المتفق عليه هو عشر سجدات:
منهن: الأعراف، وموضع السجود منها قوله: إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون
[ ص: 518 ] ومنهن: الرعد، وموضع السجود منها قوله -عز وجل-: ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال
ومنهن: النحل، وموضع السجود منها عند قوله -عز وجل-: ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة إلى: ويفعلون ما يؤمرون
ومنهن: سورة بني إسرائيل، وموضع السجود منها عند قوله -عز وجل-: يخرون للأذقان سجدا إلى قوله: خشوعا
ومنهن: سورة مريم، وموضع السجود منها عند قوله -عز وجل-: إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا
ومنهن: سورة الحج ) فيها سجدة في أولها عند قوله: ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات إلى آخر الآية .
ومنهن: سورة الفرقان، وموضع السجود منها عند قوله: وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن إلى آخر الآية .
ومنهن: سورة النمل فيها سجدة عند قوله: ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء إلى آخر الآية .
ومنهن: الم تنزيل ، فيها سجدة عند قوله: إنما يؤمن بآياتنا إلى آخر الآية .
[ ص: 519 ] ومنهن: حم تنزيل من الرحمن الرحيم وموضع السجود منها فيه اختلاف، فقال بعضهم: موضعه تعبدون وقال بعضهم: موضعه فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون
وكان أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد رحمهم الله إلى هذا المذهب الأخير يذهبون.
وقيل: اختلف المتقدمون في ذلك:
فحدثنا صالح بن عبد الرحمن ، قال: ثنا ، قال: ثنا سعيد بن منصور ، قال: أنا هشيم ، عن فطر بن خليفة عن مجاهد، "أنه كان يسجد في الآية الأخيرة من حم تنزيل ". ابن عباس:
حدثنا فهد ، قال: ثنا ، قال: ثنا أبو نعيم ، عن فطر قال: "سألت مجاهد عن السجدة التي في حم قال: اسجد بآخر الآيتين". ابن عباس
حدثنا ، قال: ثنا أبو بكرة ، قال: ثنا أبو أحمد ، عن مسعر ، عن عمرو بن مرة ، قال: "سجد رجل في الآية الأولى من حم ، فقال مجاهد عجل هذا بالسجود". ابن عباس:
حدثنا صالح ، قال: ثنا قال: ثنا سعيد بن منصور، ، قال: أنا هشيم ، عن مغيرة أنه كان يسجد في الآخرة من حم ". أبي وائل: "
حدثنا صالح ، قال: ثنا ، قال: ثنا سعيد ، قال: أنا هشيم ، عن ابن عون مثله. ابن سيرين
حدثنا ، قال: ثنا أبو بكرة ، قال: ثنا أبو عاصم ، عن سفيان الثوري ، عن ليث مثله. مجاهد
[ ص: 520 ] حدثنا ، قال: ثنا أبو بكرة ، قال: ثنا روح ، عن شعبة مثله. قتادة
حدثنا فهد ، قال: ثنا ، قال: ثنا أبو غسان ، قال: ثنا زهير ، قال: سمعت أبو إسحاق يذكر: " أن عبد الرحمن بن يزيد - رضي الله عنه - كان يسجد في الآية الأولى من حم". عبد الله بن مسعود
حدثنا صالح ، قال: ثنا قال: ثنا سعيد، ، عن هشيم رجل ، عن ، عن نافع مثله. ابن عمر
فكانت هذه السجدة التي في حم مما قد اتفق عليه، واختلفوا في موضعها، وما قد ذكرنا قبل هذا من السجود في السور الأخرى قد اتفقوا عليها وعلى مواضعها التي ذكرناها، وكان موضع كل سجدة فيها فهو موضع إخبار وليس بموضع أمر، وقد رأينا السجود مذكورا في مواضع أمر منها قوله تعالى: يا مريم اقنتي لربك واسجدي ومنها قوله تعالى: وكن من الساجدين فكل قد اتفق أن لا سجود في شيء من ذلك.
فالنظر على ذلك أن يكون كل موضع اختلف فيه هل فيه سجود أم لا أن ننظر فيه، فإن كان موضع أمر فإنما هو تعليم فلا سجود فيه، وكل موضع فيه خبر عن السجود فهو موضع سجدة التلاوة، فكان الموضع الذي اختلف فيه من سورة والنجم فقال قوم: هو موضع سجود التلاوة، وقال آخرون: ليس هو موضع سجدة تلاوة، وهو قوله تعالى: فاسجدوا لله واعبدوا فذلك أمر وليس بخبر.
فكان النظر على ما ذكرنا أن لا يكون موضع سجود التلاوة، وكان الموضع الذي اختلف فيه أيضا من اقرأ باسم ربك هو قوله: كلا لا تطعه واسجد واقترب [ ص: 521 ] فذلك أمر وليس بخبر، فالنظر على ما ذكرنا أن لا يكون موضع سجود التلاوة، وكان الموضع الذي اختلف فيه من إذا السماء انشقت هل هو موضع السجود أو لا؟ وهو قوله: فما لهم لا يؤمنون وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون فذلك موضع إخبار لا موضع أمر، فالنظر على ما ذكرنا أن يكون موضع سجود التلاوة، ويكون كل شيء من السجود يرد إلى ما ذكرنا، فما كان منه أمر رد إلى شكله مما ذكرنا فلم يكن فيه سجود، وما كان منه خبر رد إلى شكله من الإخبار فكان فيه سجود، فهذا هو النظر في هذا الباب.
وكان يجيء على ذلك أن يكون موضع السجود من حم هو الموضع الذي ذهب إليه ابن عباس; لأنه عند خبر وهو قوله: فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون لا كما ذهب إليه من خالفه; لأن أولئك جعلوا السجدة عند أمر وهو قوله: واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون فكان ذلك موضع أمر، وكان الموضع الآخر موضع خبر، وقد ذكرنا أن النظر يوجب أن يكون السجود في موضع الخبر لا في موضع الأمر، وكان يجيء على ذلك أن لا يكون في سورة الحج ) غير سجدة واحدة; لأن الثانية المختلف فيها إنما موضعها في قول من يجعلها سجدة موضع أمر وهو قوله: اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم الآية، وقد بينا أن هي مواضع الإخبار لا مواضع الأمر، فلو خلينا والنظر لكان القول في سجود التلاوة أن ننظر، فما كان منه موضع أمر لم نجعل فيه سجودا، وما كان منه موضع خبر جعلنا فيه سجودا; ولكن اتباع ما قد ثبت عن رسول الله - عليه السلام - أولى. مواضع سجود التلاوة
[ ص: 522 ]