[ ص: 264 ] 1886 ص: وذهب إلى أن العدو إذا كان في القبلة فالصلاة كما روى أبو يوسف أبو عياش - رضي الله عنهما -، وإن كانوا في غير القبلة فالصلاة كما روى وجابر ابن عمر وحذيفة - رضي الله عنهم -; لأن في حديث وزيد بن ثابت أبي عياش أنهم كانوا في القبلة، وحديث حذيفة وابن عمر وزيد لم يذكر فيه شيء من ذلك، إلا أنه قد روي عن في ذلك ما يوافق ما رووا، وقال: كان العدو في غير القبلة. ابن مسعود
وقال فأصحح الحديثين، فأجعل حديث أبو يوسف: وما يوافقه إذا كان العدو في غير القبلة، وحديث ابن مسعود أبي عياش إذا كان العدو في القبلة، وليس هذا بخلاف التنزيل عندنا; لأنه قد يجوز أن يكون قوله: وجابر ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك إذا كان العدو في غير القبلة، ثم أوحى الله تعالى إليه بعد ذلك كيف حكم الصلاة إذا كانوا في القبلة، ففعل الفعلين جميعا كما جاء الخبران، وهذا أصح الأقاويل عندنا في ذلك وأولاها; لأن تصحيح الآثار يشهد له.
وقد دل على ذلك أيضا أن قد روي عنه، عن النبي - عليه السلام - في عبد الله بن عباس ما ذكرنا في أول هذا الباب مما رواه عنه صلاة الخوف من صلاة النبي - عليه السلام - في ذلك عبيد الله بن عبد الله بذي قرد، وكان ذلك موافقا لما روى عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وحذيفة وزيد - رضي الله عنهم - عن النبي - عليه السلام - في ذلك.
ثم روي عن في ذلك من رأيه ما قد حدثنا عبد الله بن عباس سليمان بن شعيب ، قال: ثنا عبد الله بن محمد بن صالح الهاشمي أبو بكر، قال: ثنا ، عن ابن لهيعة ، أنه سمع الأعرج عبيد الله بن عبد الله بن عباس يقول: "كان يقول في صلاة الخوف ... " فذكر مثل ما فعل النبي - عليه السلام - في حديث ابن عباس أبي عياش، وحديث جابر بن عبد الله الذي وافقه.
فلما كان قد علم من فعل النبي - عليه السلام - على ما رويناه عنه في حديث ابن عباس: عبيد الله ، وقال: "وكان المشركون بينه وبين القبلة" ثم قال هذا برأيه، واستحال أن يكونوا يصلون هكذا والعدو في غير القبلة، ويصلون إذا كان العدو في
[ ص: 265 ] القبلة كما روى عنه عبيد . الله; لأنهم إذا كانوا لا يستدبرون القبلة والعدو في ظهورهم كان أحرى أن لا يستدبروها إذا كانوا في وجوههم.
ولكن ما ذكرنا عنه من ترك الاستدبار هو إذا كان العدو في القبلة، ويحتمل أيضا أن يكون كذلك إذا كان العدو في غير القبلة كما قال ابن أبي ليلى، . فقد أحاط علمنا بقوله بخلاف ما روى عنه عبيد الله، عن النبي - عليه السلام - إذا كان العدو في القبلة ولم نكن لنقول ذلك إلا بعد ثبوت نسخ ما تقدمه عنده، ولم نعلم نسخ ذلك عنده إذا كان العدو في غير القبلة، فجعلنا هذا الذي رويناه عنه من قوله هو في العدو إذا كانوا في القبلة، وتركنا حكم العدو إذا كانوا في غير القبلة على مثل ما رواه عنه عبيد الله عن النبي - عليه السلام -.