906 ص: وأما ما ذكر عنه في صلاة الظهر فإنه ذكر عنه أنه صلاها حين زالت الشمس، وعلى ذلك اتفاق المسلمين أن ذلك هو أول وقتها، وأما آخر وقتها فإن ابن عباس وأبا سعيد وجابرا -رضي الله عنهم- رووا أنه صلاها في اليوم الثاني حين كان ظل كل شيء مثله، فاحتمل ذلك على قرب أن يصير ظل كل شيء مثله، وهذا جائز في اللغة، قال الله - عز وجل -: وأبا هريرة وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف فلم يكن ذلك الإمساك والتسريح مقصودا به أن يفعل بعد بلوغ الأجل؛ لأنها بعد بلوغ الأجل قد بانت وحرم عليه أن يمسكها، وقد بين الله - عز وجل - في موضع آخر فقال: وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن فأخبر الله - عز وجل - أن لهن بعد بلوغ أجلهن أن ينكحن، فثبت بذلك أن [ ص: 165 ] ما جعل للأزواج عليهن في الآية الأخرى إنما هو في قرب بلوغ الأجل لا بعد بلوغ الأجل، فكذلك ما روي عمن ذكرنا عن رسول الله -عليه السلام- أنه صلى الظهر في اليوم الثاني حين صار ظل كل شيء مثله يحتمل أن يكون على قرب أن يصير ظل كل شيء مثله، فيكون الظل إذا صار مثله قد خرج وقت الظهر، والدليل على ما ذكرنا من ذلك: أن الذين ذكروا هذا عن النبي -عليه السلام- قد ذكروا عنه في هذه الآثار أيضا أنه صلى العصر في اليوم الأول حين صار ظل كل شيء مثله، ثم قال: "ما بين هذين وقت" فاستحال أن يكون بينهما وقت وقد جمعهما في وقت واحد، ولكن معنى ذلك عندنا - والله أعلم - على ما ذكرنا، وقد دل على هذا أيضا ما في حديث أبي موسى ، وذلك أنه قال فيما أخبر عن صلاته -عليه السلام- في اليوم الثاني: "ثم أخر الظهر حتى كان قريبا من العصر، فأخبر أنه إنما صلاها في ذلك اليوم في قرب دخول وقت العصر لا في وقت العصر.
فثبت بذلك إذ أجمعوا في هذه الروايات أن بعد ما يصير ظل كل شيء مثله وقت للعصر؛ أنه محال أن يكون وقتا للظهر؛ لإخباره أن الوقت الذي لكل صلاة فيما بين صلاتيه في اليومين.
وقد دل على ذلك أيضا ما قد حدثنا ، قال: ثنا الربيع المؤذن ، قال: ثنا أسد محمد بن الفضيل ، عن ، عن الأعمش ، عن أبي صالح قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أبي هريرة " أول وقت الظهر حين تزول الشمس، وإن آخر وقتها حين يدخل وقت العصر . "إن للصلاة أولا وآخرا، وإن
فثبت بذلك أن دخول وقت العصر بعد خروج وقت الظهر.