الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
5068 5383 - حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17081مسلم، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17287وهيب، حدثنا منصور، عن أمه، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها -: nindex.php?page=hadith&LINKID=654964nindex.php?page=treesubj&link=31106_33226توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - حين شبعنا من الأسودين، التمر والماء. [انظر: 5442 - مسلم: 2975 - فتح:9 \ 527]
حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس - رضي الله عنه -قال nindex.php?page=showalam&ids=86أبو طلحة nindex.php?page=showalam&ids=11088لأم سليم: لقد سمعت صوت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضعيفا أعرف فيه الجوع .. الحديث بطوله، وقد سلف في علامات النبوة ، وبعضه في الصلاة ، ويأتي في النذور ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي .
والكلام عليه من وجوه:
أحدها:
قوله: (أعرف فيه الجوع) فيه: أن nindex.php?page=treesubj&link=31788الأنبياء عليهم السلام تذوى عنهم الدنيا حتى يدركهم ألم الجوع ابتلاء واختبارا. وقد خير -عليه السلام - بين أن [ ص: 107 ] يكون نبيا عبدا أو ملكا، فاختار أن يكون نبيا عبدا، وعرضت عليه الدنيا فردها واختار ما عند الله; لتتأسى به أمته في ذلك ويمتثلوا زهده في الدنيا.
وفيه: رد لقول nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان أنه - عليه السلام - لم يجع قط وأن ربط الحجر على بطنه بالزاي لا بالراء، وأنه تصحيف من الحجز .
ثانيها:
جواز nindex.php?page=treesubj&link=16302الشهادة على الصوت، واستدل به بعضهم فيما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر على جواز nindex.php?page=treesubj&link=16330شهادة الأعمى على الصوت; لقوله: أعرف فيه الجوع. وعارضه المانع بأن nindex.php?page=showalam&ids=86أبا طلحة تغير عنده صوته مع علمه بصوته، ولولا رؤيته له لاشتبه عليه في حين سماعه منه وما عرفه .
ثالثها:
nindex.php?page=treesubj&link=19438سد الرجل خلة أخيه إذا علم منه حاجة نزلت به، من حيث لا يسأله ذلك، وهذا من مكارم الأخلاق.
رابعها:
علم الشارع من nindex.php?page=showalam&ids=86أبي طلحة أنه يسره سيره إليه مع أصحابه، ولذلك تلقاه nindex.php?page=showalam&ids=86أبو طلحة مسرورا به وبأصحابه، وليس العمل على هذا من أجل أنه لا يحتمله كل الناس.
وكذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: nindex.php?page=treesubj&link=23531من دعي إلى طعام وليمة أو غيرها فلا ينبغي له أن يحمل معه غيره، إذ لا يدري هل يسر بذلك صاحب الوليمة أم لا؟ إلا أن يقال له: ادع من لقيت فيباح له ذلك حينئذ.
[ ص: 108 ] قلت: والضابط العلم بحال الداعي.
خامسها:
قوله -عليه السلام -: ("أرسلك nindex.php?page=showalam&ids=86أبو طلحة؟ " فقلت: نعم). يجوز أن يكون قاله وحيا أو استدلالا بقيام nindex.php?page=showalam&ids=86أبي طلحة.
وقول nindex.php?page=showalam&ids=86أبي طلحة: (قد جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالناس) هو قول مقتضى العادة.
وقول nindex.php?page=showalam&ids=11088أم سليم: (الله ورسوله أعلم)، قول أخرجه النظر إلى الإمكان وخرق العادة، وجائز لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذه منقبة عظيمة لها، ودلالة على عظم فقهها ورجحان عقلها كونها عرفت أنه -عليه السلام - قد عرف مقدار الطعام، ولم يكن ليدع إليه هؤلاء الثمانين رجلا إلا وهو يكفيهم.
والعكة الصغيرة من القرب، وجمعها عكك وعكاك، وهو بالسمن أخص من العسل كما قال ابن الأثير : وآدمته -بمد الألف، وقصرها-: جعلت فيه إداما .
[ ص: 109 ] وقال ابن التين: أدمته طيبته، والإدام: ما يطيب فيه الطعام. قال: وأدمته مقصور; لأنه من أدم أدما ثلاثي.
قلت: وروي بتشديد الدال على التكبير. وسيد إدام أهل الدنيا والآخرة اللحم. جعله أدما. وبعض الفقهاء قال: لا يحنث فيما إذا حلف أن لا يأتدم ثم أكله.
ثامنها:
فيه: nindex.php?page=treesubj&link=24552الخروج إلى الطريق للضيف والزائر; إكراما له وبرا به، وأنه nindex.php?page=treesubj&link=18570لا حرج على الصديق أن يأمر في دار صديقه مما شاء مما يعلم أنه يسره به، ألا ترى أنه اشترط عليهم أن يفتوا الخبز، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11088لأم سليم: "هات ما عندك".
وفيه: nindex.php?page=treesubj&link=33230بركة الثريد وجواز nindex.php?page=treesubj&link=18336الأكل حتى يشبع، وهو ما عقد له الباب، وأن nindex.php?page=treesubj&link=18336الشبع مباح، وكذا في حديث nindex.php?page=showalam&ids=72عبد الرحمن بن أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة الآتيين جواز الشبع أيضا وإن كان ترك الشبع في بعض الأحايين أفضل، وقد وردت في ذلك آثار عن سلمان nindex.php?page=showalam&ids=9473وأبي جحيفة - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=846054 "إن أكثر الناس شبعا في الدنيا أطولهم جوعا في الآخرة" .
[ ص: 110 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري: غير أن الشبع، وإن كان مباحا فإن له حدا ينتهى إليه، وما زاد عليه فهو سرف. فالمطلق منه ما أعان على الطاعة ولم يشغله فعله عن أداء الواجب، وذلك دون ما أثقل المعدة وثبط أكله عن خدمة ربه والأخذ بحظه من نوافل (العبادة) ، فالحق لله على عبده ألا يتعدى في مطعمه ومشربه ما سد الجوع وكسر الظمأ، فإن تعدى ذلك إلى ما فوقه ما يمنعه من القيام بالواجب لله تعالى عليه، كان قد أسرف في مطعمه ومشربه.
وبنحو هذا أورد الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعا: "إذا (سددت كلب) الجوع برغيف وكوز من الماء القراح فعلى الدنيا الدمار" .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود من حديث nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان - رضي الله عنه - مرفوعا: nindex.php?page=hadith&LINKID=681258 "كل شيء فضل عن ظل بيت وجلف الخبز -يعني: كسرة الخبز- وثوب يستره فضل
[ ص: 111 ] ليس لابن آدم فيه حق" فأخبر - عليه السلام - أن لابن آدم من الطعام ما سد به كلب جوعه، ومن الماء ما قطع ظمأه، ومن اللباس ما ستر عورته، ومن المساكن ما أظله فكنه من حر وقر، وأن لا حق له فيما عدا ذلك.
فالمتجاوز من ذلك ما حدده الشارع خاطب على نفسه متحمل ثقل وباله ولو لم يكسب المقل من الأكل إلا التخفيف عن بدنه من كظ المعدة ونتن التخمة، لكان جريانه يجري ذلك لها طلب الترويح عنها، فكيف والإكثار منه الداء العضال، وبه كان يتعاير أهل الجاهلية والإسلام.
وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس هذا nindex.php?page=showalam&ids=72وعبد الرحمن بن أبي بكر الآتي علم nindex.php?page=treesubj&link=29629من أعلام نبوته، وهو الأكل من الطعام اليسير العدد الكثير حتى شبعوا ببركته.
وروى nindex.php?page=showalam&ids=9أنس أيضا حديث بعثه (أبا) طلحة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليدعوه. وفيه: فأخرج لهم شيئا من بين أصابعه ، وهذا غير الأول، وهو من أعلام نبوته أيضا.
الحديث الثاني:
حديث nindex.php?page=showalam&ids=72عبد الرحمن بن أبي بكر - رضي الله عنهما - في المشرك المشعان الذي اشترى منه الشاة، والسالف في البيوع والهبة .
[ ص: 112 ] ووجه إيراده هنا: أمره - عليه السلام - بسواد البطن فشوي وايم الله ما في الثلاثين ومائة إلا قد حز له حزة من سواد بطنها، إن كان شاهدا أعطاه، وإن كان غائبا خبأها له، ثم جعل فيها قصعتين، فأكلنا أجمعون وشبعنا، وفضل في القصعتين، فحملته على البعير. أو كما قال.
والمشعان: المنتفش الشعر، الثائر الرأس، وقيل: هو شعث الرأس. يقال: شعر مشعان ورجل مشعان، ومشعان الرأس، والميم زائدة.
وفيه: nindex.php?page=treesubj&link=33203استعجال شي الكبد. وحز له حزة: قطع له قطعة.
وفيه: أن nindex.php?page=treesubj&link=27214الغائب يترك له سهمه، ولا يهمل حقه لغيبته. والقصعة: بفتح القاف، وجمعها: قصاع.
الحديث الثالث:
حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - nindex.php?page=hadith&LINKID=654964توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - حين شبعنا من الأسودين، التمر والماء.
سلف، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا ، ويأتي في باب الرطب والتمر .
والعرب تقول: الأسودان: التمر والماء، والأحمران: اللحم والشراب، وقيل: الذهب والزعفران، والأبيضان: الماء واللبن، والأسمران: الماء والملح. قال بعضهم: وهذه تسمية للشيء بما قاربه وذلك أن الأسود منهما التمر خاصة، وكذلك العمران لأبي بكر وعمر فغلبوا nindex.php?page=showalam&ids=2عمر لأنه أخف. وأبعد من قال: هما nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز.